الرجل منهم يريد الكتيبة ، فَسِرْ بهم ، وألن لهم جانبك ، وابسطْ لهم وجهك ، وافرِشْ لهم جناحك ، وأَدْنِهِمْ في مجلسك ؛ فإنَّهم بقيّة ثقات أمير المؤمنين ، وسِر بهم على شطِّ الفرات حتى تقطع بهم الفرات حتى تسير بمسكن (٤) ، ثمّ امض حتى تستقبل بهم معاوية ، فإن أنت لقيته فاحبسه حتى آتيك ، فإنِّي على أثرك وشيكاً ، وليكن خبرك عندي كلَّ يوم ، وشاور هذين ـ يعني : قيس بن سعد وسعيد بن قيس ـ وإذا لقيت معاوية فلا تقاتله حتى يقاتلك ، فإن فعل فقاتله ، وإن أُصبتَ فقيس بن سعد ، وإن أُصيب قيس بن سعد فسعيد بن قيس على الناس فسار عبيد الله ...».
فأمّا معاوية فإنَّه وافى حتى نزل قرية يقال لها : الحيوضة ـ بمسكن ـ وأقبل عبيد الله بن عبّاس حتى نزل بإزائه ، فلمّا كان من غدٍ وجّه معاوية بخيل إلى عبيد الله في من معه ، فضربهم حتى ردّهم إلى معسكرهم ، فلمّا كان الليل أرسل معاوية إلى عبيد الله بن عبّاس أنّ الحسن قد راسلني في الصلح ، وهو مسلّم الأمر إليَّ ، فإن دخلت في طاعتي الآن كنت متبوعاً ، وإلاّ دخلت وأنت تابع ، ولك إن أجبتني الآن أن أعطيك ألف ألف درهم ، أعجِّل لك في هذا الوقت نصفها ، وإذا دخلت الكوفة النصف الآخر.
فأقبل عبيد الله إليه ليلاً فدخل عسكر معاوية ، فوفى له بما وعده ، وأصبح الناس ينتظرون عبيد الله أن يخرج حتى أصبحوا ، فطلبوه فلم يجدوه ، فصلّى بهم قيس ابن سعد بن عبادة ، ثمّ خطبهم فثبّتهم ، وذكر عبيد الله فنال منه ، ثمّ أمرهم بالصبر والنهوض إلى العدوّ ، فأجابوه بالطاعة وقالوا له : انهض بنا إلى عدوّنا على اسم الله.
فنزل فنهض بهم ، وخرج إليه بُسر بن أرطاة ، فصاح إلى أهل العراق : ويحكم هذا أميركم عندنا قد بايع ، وإمامكم الحسن قد صالح ، فعلامَ تقتلون أنفسكم؟!
__________________
(٤) بفتح الميم ثمّ السكون ثمّ الكسر : موضع قريب من أوانا ناحية الدجيل ، بينه وبين بغداد عدّة فراسخ من جهة تكريت. (المؤلف)