فقال لهم قيس بن سعد : اختاروا إحدى اثنتين : إمّا القتال مع غير إمام ، وإمّا أن تبايعوا بيعة ضلال. فقالوا : بل نقاتل بلا إمام ، فخرجوا فضربوا أهل الشام حتى ردّوهم إلى مصافّهم ، فكتب معاوية إلى قيس بن سعد يدعوه ويمنِّيه ، فكتب إليه قيس : لا والله لا تلقاني أبداً إلاّ بيني وبينك الرمح.
شرح بن أبي الحديد (١) (٤ / ١٤).
قال اليعقوبي في تاريخه (٢) (٢ / ١٩١) : إنَّه وجّه الحسن عليهالسلام بعبيد الله بن العبّاس في اثني عشر ألفاً لقتال معاوية ، ومعه قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ، وأمر عبيد الله أن يعمل بأمر قيس ورأيه ، فسار إلى ناحية الجزيرة ، وأقبل معاوية لمّا انتهى إليه الخبر بقتل عليّ ، فسار إلى الموصل بعد قتل عليّ بثمانية عشر يوماً ، والتقى العسكران ، فوجّه معاوية إلى قيس بن سعد يبذل له ألف ألف درهم على أن يصير معه أو ينصرف عنه ، فأرسل إليه بالمال وقال : تخدعني عن ديني؟
فيقال : إنّه أرسل إلى عبيد الله بن عبّاس وجعل له ألف ألف درهم ، فصار إليه في ثمانية آلاف من أصحابه ، وأقام قيس على محاربته ، وكان معاوية يدسّ إلى عسكر الحسن من يتحدّث أنّ قيس بن سعد قد صالح معاوية وصار معه ، ووجّه إلى عسكر قيس من يتحدّث أنّ الحسن قد صالح معاوية وأجابه.
وفي الاستيعاب (٣) (٢ / ٢٢٥) عن عروة قال : كان قيس مع الحسن بن عليٍّ على مقدِّمته ، ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رءوسهم بعد ما مات عليٌّ وتبايعوا على الموت ، فلمّا دخل الحسن في بيعة معاوية أبى قيس أن يدخل ، وقال لأصحابه : ما شئتم ، إن شئتم جالدت بكم حتى يموت الأعجل منّا ، وإن شئتم أخذت لكم أماناً؟
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ١٦ / ٤٢ ـ ٤٣ كتاب ٣١.
(٢) تاريخ اليعقوبي : ٢ / ٢١٤.
(٣) الاستيعاب : القسم الثالث / ١٢٩١ رقم ٢١٣٤.