معه نصيرٌ ولا عاذرٌ ، فَيُلقى في نار جهنّم ، فيدور فيها كما تدور الرحى ، ثمَّ يرتبط في قعرها» (١).
لعلَّ الباحث لا يمرُّ على شيء من خطب سيِّد الخزرج ، وكتبه ، وكَلِمه ، ومحاضراته ، إلاّ ويجده طافحاً بقداسة جانبه عن كلِّ ما يلوِّث ويدنّس من اتِّباع الهوى ، وبزهادته عن حطام الدنيا ، معرباً عن ورعه عن محارم الله وخشونته في ذات ربِّه ، وتعظيمه شعائر الدين ، وقيامه بحقِّ النبيِّ الأعظم ، ورعايته في أهل بيته وذويه بكلِّ حول وطول ، وبذل النفس والنفيس دون كلاءة دينه ، وإعلاء كلمة الحقِّ ، وإرحاض معرّة الباطل ، وإصلاح الفاسد ، وكسر شوكة المعتدين ، وبعد اليأس عن صلاح أمّته ، والعجز عن الدعوة إلى الحقِّ ، لزم عقر داره بالمدينة المشرّفة بقيّة حياته ، وأقبل على العبادة ، حتى أدركه أجله المحتوم. كما ذكره ابن عبد البرّ في الاستيعاب (٢)(٢ / ٥٢٤).
وأوفى كلمة في زهده وعبادته ، ما قاله المسعودي في مروج الذهب (٣) (٢ / ٦٣) قال : كان قيس بن سعد من الزهد ، والديانة ، والميل إلى عليٍّ ، بالموضع العظيم ، وبلغ من خوفه لله وطاعته إيّاه ، أنَّه كان يصلّي ، فلما أهوى للسجود ، إذا في موضع سجوده ثعبانٌ عظيم مطرق ، فمال على الثعبان برأسه ، وسجد إلى جانبه ، فتطوّق الثعبان برقبته ، فلم يقصر من صلاته ، ولا نقص منها شيئاً حتى فرغ ، ثمَّ أخذ الثعبان فرمى به. كذلك ذكر الحسن بن عليّ بن عبد الله بن المغيرة ، عن معمر بن خلاّد ، عن أبي الحسن ـ الإمام ـ عليّ بن موسى الرضا عليهالسلام. انتهى.
والحديث الرضويّ هذا رواه الكشّي ، بإسناده عنه عليهالسلام في رجاله (٤) (ص ٦٣)
__________________
(١) نهج البلاغة : ص ٢٣٤ خطبة ١٦٤.
(٢) الاستيعاب : القسم الثالث / ١٢٩٠ رقم ٢١٣٤.
(٣) مروج الذهب : ٣ / ٢٧.
(٤) رجال الكشّي : ١ / ٣٠٩ رقم ١٥١.