محمداً أبتر لا ابن له يقوم مقامه بعده ، فإذا مات انقطع ذكره ، واسترحتم منه ، وكان قد مات ابنه عبد الله من خديجة ، وهذا قول ابن عبّاس ، ومقاتل ، والكلبي ، وعامّة أهل التفسير. وقال (ص ٥٠٤) بعد نقل الأقوال الأُخَر : ولعلّ العاص بن وائل كان أكثرهم مواظبةً على هذا القول ، فلذلك اشتهرت الروايات بأنَّ الآية نزلت فيه.
وروى التابعيُّ الكبير سليم بن قيس الهلالي في كتابه (١) : أنَّ الآية نزلت في المترجَم نفسه ، كان أحد شانئي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لمّا مات ولده إبراهيم ، فقال : إنَّ محمداً قد صار أبتر لا عقب له. وذكّره بذلك أمير المؤمنين في أبيات له تأتي ، فقال :
إن يَقرِنوا وصيَّهُ والأبترا |
|
شاني الرسولِ واللعينَ الأخزرا |
وذكّره بذلك عمّار بن ياسر يوم صفِّين وعبد الله بن جعفر ، في حديثيهما الآتيين. فالمترجَم له هو الأبتر ابن الأبتر ، وبذلك خاطبه أمير المؤمنين عليهالسلام في كتاب له يأتي بقوله : «من عبد الله أمير المؤمنين ، إلى الأبتر ابن الأبتر عمرو بن العاص ، شانئ محمد وآل محمد في الجاهليّة والإسلام».
تُعرِّفنا الآية الكريمة المذكورة أنَّ كلَّ معزوٍّ إلى العاص من الولد من ذكر أو أنثى ، من المترجم له أو غيره ليسوا لرشدة ، فمن هنا تعرف فضيلة عمرو من ناحية النسب ، أضف إلى ذلك حديث أمِّه ليلى العنزيّة الجلاّنيّة.
كانت أمّه ليلى أشهر بغيٍّ بمكّة ، وأرخصهنَّ أُجرةً ، ولمّا وضعته ادّعاه خمسة ، كلّهم أتوها ، غير أنّ ليلى ألحقته بالعاص لكونه أقرب شبهاً به ، وأكثر نفقةً عليها ، ذكرت ذلك أروى بنت الحارث بن عبد المطّلب ، لمّا وفدت إلى معاوية ، فقال لها : مرحباً بك يا عمّة؟ فكيف كنت بعدنا؟
فقالت : يا ابن أخي ، لقد كفرتَ يد النعمة ، وأسأت لابن عمِّك الصحبة ،
__________________
(١) كتاب سليم بن قيس : ٢ / ٧٣٧ ح ٢٢.