نفسها ، فامتنعت منه ، ثمّ إنَّ عمراً جلس على منجاف (١) السفينة يبول ، فدفعه عمارة في البحر ، فلمّا وقع عمرو سبح حتى أخذ بمنجاف السفينة ، وضغن على عمارة في نفسه ، وعلم أنَّه كان أراد قتله ، ومضيا حتى نزلا الحبشة ، فلمّا اطمأنّا بها لم يلبث عمارة أن دبّ لامرأة النجاشيِّ فأدخلته ، فاختلف إليها ، وجعل إذا رجع من مدخله ذلك يخبر عمراً بما كان من أمره ، فيقول عمرو : لا أصدِّقك أنَّك قدرت على هذا! إنَّ شأن هذه المرأة أرفع من ذلك.
فلمّا أكثر عليه عمارة بما كان يخبره ، ورأى عمرو من حاله وهيئته ومبيته عندها ، حتى يأتي إليه من السحر ما عرف به ذلك ، قال له : إن كنت صادقاً فقل لها : فلتدهنك بدهن النجاشيِّ الذي لا يَدّهِنُ به غيره ، فإنّي أعرفه ، وآتني بشيء منه حتى أصدِّقك. قال : أفعل. فسألها ذلك ، فدهنته منه ، وأعطته شيئاً في قارورة. فقال عمرو : أشهد أنَّك قد صدقت ، لقد أصبت شيئاً ما أصاب أحدٌ من العرب مثله قطُّ : امرأة الملك! ما سمعنا بمثل هذا. ثمَّ سكت عنه حتى اطمأن ، ودخل على النجاشي فأعلمه شأن عمارة ، وقدّم إليه الدهن. فلمّا أثبت أمره ، دعا بعمارة ، ودعا نسوة أُخر ، فجرّدوه من ثيابه ، ثمّ أمرهنَّ ينفخن في إحليله ، ثمّ خلّى سبيله ، فخرج هارباً.
عيون الأخبار لابن قتيبة (١ / ٣٧) ، الأغاني (٢) (٩ / ٥٦) ، شرح النهج لابن أبي الحديد (٣) (٢ / ١٠٧) ، قصص العرب (٤) (١ / ٨٩) (٥).
__________________
(١) منجاف السفينة : سكانها الذي تعدل به (المولف)
(٢) الأغاني : ٩ / ٦٩.
(٣) شرح نهج البلاغة : ٦ / ٣٠٤ خطبة ٨٣.
(٤) قصص العرب : ١ / ٩٨ رقم ٣٥.
(٥) وهناك رواية أخرى رواها الرواة بإيجاز واختصار وحذفوا منها الكثير ، رواها ابن سعد بإسناده في كتاب الطبقات في ترجمة الإمام الحسن ٧ برقم ١٣٦ وهي :
لمّا بايع الحسن بن علي ٧ معاوية ، قال له عمرو بن العاص وأبو الأعور السلمي ـ عمرو بن