فقولا لعمروٍ وابنِ أرطاةَ أبْصِرا |
|
سبيلَكما لا تَلْقيا الليثَ ثانيهْ |
ولا تحمدا إلاّ الحيا وخصاكما |
|
هما كانتا للنفس واللهِ واقيهْ |
وفي شعر الأمير أبي فراس :
ولا خيرَ في دفعِ الردى بمذلّةٍ |
|
كما ردّها يوماً بسوأته عمرو |
وفي شعر الزاهي البغدادي :
وصدَّ عن عمروٍ وبُسْرٍ كَرَماً |
|
إذ لقيا بالسوأتين من شخصْ |
وقال آخر :
ولا خيرَ في صَوْن الحياة بِذِلّةٍ |
|
كما صانَها يوماً بذلّتِهِ عمرو |
وقال عبد الباقي الفاروقي العمري :
وليلةالهريرِ قد تكشّفتْ |
|
عن سوأةِ ابنِ العاصِ لمّا غُلبا |
فحاد عنهُ مُغْضِباً حيدرةٌ |
|
وعفَّ والعفوُ شِعارُ النُّجَبَا |
ولو يشأ ركّبَ فيهِ زَجّةً |
|
تركيبَ مزجيٍّ كمعدي كربا |
وكان قد تكرّر منه هذا العمل المخزي كما سيأتي ، ولو كان للرجل شيءٌ من البسالة لَجَبَهَ مُعيِّريه بتعداد مشاهده ، وسَلَقَهم بلسانٍ حديد ، وهو ذلك الصلِف المُفَوّه ، وفيما أُمِّر من الحروب كان الزحف للجيش الباسل دونه ، فلم يسطُ أمامه ، وإنّما كان رئيّا في أمرهم يدير وجه الحيلة فيه ، كما أنَّه كان في صفِّين كذلك ، لم يبارح سرادق معاوية ، وطفق يبديه دهاءه إلاّ في موقفين سيوافيك تفصيلهما ، ولذلك كلّه اشتهر بالدهاء دون الشجاعة.
قال البيهقي في المحاسن والمساوئ (١) (١ / ٣٩) : قال عمرو بن العاص لابنه عبد الله يوم صفّين : تبيّنْ لي هل ترى عليَّ بن أبي طالب رضى الله عنه؟ قال عبد الله : فنظرت
__________________
(١) المحاسن والمساوئ : ص ٥٤.