برجله فبدت عورته ، فصرف عليهالسلام وجهه عنه ، وقام معفَّراً بالتراب ، هارباً على رجليه ، معتصماً بصفوفه ، فقال أهل العراق : يا أمير المؤمنين أفلت الرجل. فقال : «أتدرون من هو؟». قالوا : لا. قال : «إنَّه عمرو بن العاص ، تلقّاني بسوأته فذكّرني بالرَحِم ، ـ لفظ ابن كثير ـ فصرفت وجهي عنه».
ورجع عمرو إلى معاوية فقال : ما صنعت يا أبا عبد الله؟ فقال : لقيني عليٌّ فصرعني. قال : احمد الله وعورتك ـ وفي لفظ ابن كثير : احمد الله واحمد استك ـ والله إنّي لأظنّك لو عرفته لما اقتحمت عليه. وقال معاوية في ذلك :
ألا لله من هفواتِ عمروٍ |
|
يعاتبُني على تركي برازي |
فقد لاقى أبا حسنٍ عليّا |
|
فآب الوائليُّ مآب خازي |
فلو لم يُبدِ عورتَهُ للاقى |
|
به ليثاً يُذلِّل كلَّ غازي |
له كفٌّ كأنَّ براحتيها |
|
منايا القوم يخطفُ خطفَ بازي |
فإن تكن المنيّةُ أخطأتهُ |
|
فقد غنّى بها أهل الحجازِ |
فغضب عمرو وقال : ما أشدّ تعظيمك عليّا في كسري هذا ـ وفي لفظ ابن أبي الحديد : ما أشدَّ تغبيطك أبا تراب في أمري (١) ـ هل أنا إلاّ رجل لقيه ابن عمِّه فصرعه؟! أَفَتُرى السماء قاطرةً لذلك دماً؟! قال : لا ، ولكنَّها مُعقبة لك خزياً.
كتاب صفّين (٢) (ص ٢١٦) ، شرح ابن أبي الحديد (٣) (٢ / ٢٨٧) ، تاريخ ابن كثير (٤) (٧ / ٢٦٣).
__________________
(١) في لفظ نصر : ما أشدّ تغبيطك عليّا في أمري ، وفي لفظ ابن أبي الحديد : ما أشدّ تعظيمك أبا تراب في أمري.
(٢) وقعة صفّين : ص ٤٠٦ ـ ٤٠٨.
(٣) شرح نهج البلاغة : ٨ / ٦٠ ـ ٦١ خطبة ١٢٤.
(٤) البداية والنهاية : ٧ / ٢٩٢ حوادث سنة ٣٧ ه.