يوسف بن عمر دخل عليه الكميت ، وقد مدحه بعد قتله زيد بن عليّ ، فأنشده قوله فيه :
خرجت لهم تمشي البراح ولم تكن |
|
كمن حصنه فيه الرتاج المضبَّبُ |
وما خالدٌ يستطعم الماء فاغراً |
|
بعدلك والداعي إلى الموت ينعبُ |
قال : والجند قيامٌ على رأس يوسف بن عمر ـ وهم ثمانية ـ فتعصّبوا لخالد ، فوضعوا نعال سيوفهم في بطن الكميت ، فوجؤوه بها وقالوا : أتنشد الأمير ولم تستأمره؟ فلم يزل ينزف الدم حتى مات. الأغاني (١) (١٥ / ١٢١)
وحدّث المستهل (٢) بن الكميت قال : حضرت أبي عند الموت وهو يجود بنفسه ، وأُغمي عليه ثمَّ أفاق ، ففتح عينيه ثمَّ قال : اللهمَّ آل محمد ، اللهمَّ آل محمد ، اللهمّ آل محمد ـ ثلاثاً ـ. ثمّ قال : يا بُنيَّ وددت أنّي لم أكن هجوت نساء بني كلب بهذا البيت وهو :
مع العُضروطِ والعُسفاء ألْقَوْا |
|
برادعَهُنَّ غير مُحصَّنينا (٣) |
فعمّمتهنَّ قذفاً بالفجور ، والله ما خرجت ليلاً قطُّ إلاّ خشيت أن أُرمى بنجوم السماء لذلك.
ثمّ قال : يا بنيَّ إنّه بلغني في الروايات أنّه يُحفر بظهر الكوفة خندقٌ ، ويُخرج فيه الموتى من قبورهم ، ويُنبشون منها فيُحوَّلون إلى قبور غير قبورهم ؛ فلا تدفنّي في الظهر ، ولكن إذا متُّ فامض بي إلى موضع يقال له مكران ، فادفنّي فيه ، فدفن في ذلك الموضع ، وكان أوّل من دُفن فيه ، وهو مقبرةُ بني أسد إلى الساعة. الأغاني (٤) (١٥ / ١٣٠) ، المعاهد (٥) (٢ / ١٣١).
__________________
(١) الأغاني : ١٧ / ٢٢.
(٢) كان المستهل من الشعراء المعروفين وله ديوان ، كما في فهرست ابن النديم : ص ٢٣٣. (المؤلف)
(٣) العضروط : الخادم على طعام بطنه. والعسيف : الأجير.
(٤) الأغاني : ١٧ / ٤٣.
(٥) معاهد التنصيص : ٣ / ١٠٦ رقم ١٤٨.