منقِّباً ويحسبه فذّا من أفذاذ هذا العصر الذهبيِّ ، عصر النور ، عصر البحث والتنقيب الذي مُني بمثل هذا الدكتور وأمثاله من جمال مستنوقة (١) يُسرّون حَسْواً في ارتغاء (٢) يريدون أن يفخِّذوا أمّةً كبيرةً تُعدُّ بالملايين عن الأمّة الإسلاميّة بنسبة الإلحاد إليهم من تناسخ وحلول فيلعن هؤلاء أولئك لاعتقادهم بكفرهم ، ويغضب أولئك على هؤلاء عندما يقفون على مثل هذا الإفك الشائن ، فيقع مالا تحمد مغبّته من شقِّ العصا وتفريق الكلمة ، وذلك مُنية من قيّض طه حسين لمثل هذه المعرّة وأثابه عليها.
ألم يسائل هذا الرجل باحثٌ عن مصدر هاتين الفريَتين؟ هل قرأهما في كتاب من كتب الشيعة؟ أم سمعهما من شيعيّ؟ أو بلغه الخبر عن عالم من علماء الإماميّة؟ وهؤلاء الشيعة وكتبهم منذ العصور المتقادمة حتى اليوم تحكم بكفر من يقول بالتناسخ والحلول وتدين بالبراءة منه ، فهلاّ راجع الدكتور هاتيك الكتب قبل أن يرمي لا عن سَدَد؟ وتخطّ يمينه لا عن رَشَد؟ نعم سبقه في نسبة التناسخ إلى السيِّد ، ابن حزم الأندلسي في الفِصَل (٣) ، وقد عرفت ابن حزم ونزعاته في الجزء الأوّل (ص ٣٢٣ ـ ٣٣٩).
وأمّا القول بالرجعة فليس من سنخ القول بالتناسخ والحلول ، وقد نطق بها الكتاب والسنّة كما فُصِّل في طيّات الكتب الكلاميّة وتضمّنته التآليف التي أفردها أعلام الإماميّة فيها ، وقد عرف من وقف على أخبار السيِّد وشعره وحجاجه براءته من كلِّ ما نبذه به من سخافة ، إن لم يكن الدكتور ممّن يرى أنَّ التهالك في موالاة أهل
__________________
(١) مثل سائر [يضرب لمن يكون في حديث ثم ينتقل إلى غيره ويخلطه به. انظر : المستقصى في أمثال العرب : ١ / ١٥٨ رقم ٦٢٥]. (المؤلف)
(٢) مثل يضرب [لمن يريك أنَّه يُعينك ، وإنّما يجرُّ النفع إلى نفسه. انظر : مجمع الأمثال : ٣ / ٥٢٥ رقم ٤٦٨٠]. (المؤلف)
(٣) الفصل في الملل والأهواء والنحل : ٤ / ١٨٢.