البصرة يستسقون ، وخرج فيهم السيِّد وعليه ثيابُ خزٍّ وجُبّةٌ ومِطرفٌ وعمامةٌ فجعل يجرُّ مِطرفه ويقول :
اهبِط إلى الأرض فَخُذ جَلْمداً |
|
ثمَّ ارمهم يا مُزنُ بالجَلْمدِ |
لا تَسقِهم من سَبَلٍ قطرةً |
|
فإنّهم حربُ بني أحمدِ (١) |
٤ ـ حدّثني أبو سليمان الناجي قال : جلس المهديّ يوماً يعطي قريشاً صلاتٍ لهم وهو وليُّ عهد ، فبدأ ببني هاشم ثمّ بسائر قريش ، فجاء السيِّد فرفَع إلى الربيع ـ حاجب المنصور ـ رقعة مختومة وقال : إنَّ فيها نصيحة للأمير فأَوصِلها إليه. فأَوصلها ، فإذا فيها :
قل لابن عبّاس سميِّ محمدٍ |
|
لا تُعْطِيَنَّ بني عَدِيٍّ دِرْهما |
احْرِم بني تَيْم بن مُرّةَ إنَّهمْ |
|
شرُّ البَرِيّة آخراً ومُقدَّما |
إنْ تُعطِهم لا يشكروا لك نِعْمةً |
|
ويكافئوك بأن تُذَمَّ وتُشتَما |
وإنِ ائتمنتهمُ أَو استعمَلتهمْ |
|
خانُوك واتّخذوا خراجك مَغنما |
ولئن مَنَعْتَهُمُ لقد بدءوكمُ |
|
بالمنع إذ ملكوا وكانوا أظلما |
منعوا تُراثَ محمدٍ أعمامَهُ |
|
وابنيْه وابنتَه عديلةَ مريما |
وتأمّروا من غير أن يُستَخلَفوا |
|
وكفى بما فعلوا هنالك مأثَما |
لم يشكروا لمحمدٍ إنعامَهُ |
|
أَفَيَشْكرون لغيرهِ إنْ أنعما |
واللهُ منَّ عليهمُ بمحمدٍ |
|
وهداهمُ وكسا الجُنوبَ وأطعما |
ثمَّ انْبَروا لوصيِّه ووليِّه |
|
بالمنكرات فجرّعوه العلقما |
قال : فرمى بها إلى أبي عبيد الله معاوية بن يسار الكاتب للمهدي ثمّ قال : اقطع العطاء. فقطعه ، وانصرف الناس ، ودخل السيِّد إليه ، فلما رآه ضحك وقال : قد
__________________
(١) الأغاني : ٧ / ٢٧٠.