وروى أبو الفرج للسيِّد مما أنشده المنصور في سوّار القاضي قوله :
قل للإمام الذي يُنجى بطاعتِهِ |
|
يوم القيامة من بُحبوحة النارِ |
لا تستعينَنْ جزاك الله صالحةً |
|
يا خير من دَبَّ في حُكْمٍ بسوّارِ |
لا تَسْتَعِنْ بخبيث الرأي ذي صَلَفٍ |
|
جمِّ العُيوبِ عظيمِ الكِبر جبّارِ |
تُضحي الخصومُ لديهِ من تَجَبُّرِهِ |
|
لا يرفعون إليه لَحْظ أبصارِ |
تيهاً وكبراً ولولا ما رفعتَ له |
|
من ضَبْعه كان عين الجائع العاري |
فدخل سوّار ، فلمّا رآه المنصور تبسّم وقال أما بلغك خبر إياس بن معاوية (١) حيث قَبِل شهادة الفرزدق واستزاد في الشهود؟ فما أحوجك للتعريض للسيِّد ولسانه؟ ثمّ أمر السيِّد بمصالحته وأمَرهُ بأن يصير إليه معتذراً ففعل فلم يعذره ، فقال :
أتَيْتُ دَعِيَّ بني العنبرِ |
|
أرومُ اعتذاراً فلم أُعْذَرِ |
فقلتُ لنفسي وعاتبتُها |
|
على اللؤمِ في فعلها : أقْصِري |
أيعتذرُ الحرُّ ممّا أتى |
|
إلى رجل من بَني العَنْبَرِ |
أبوك ابن سارقِ عَنْزِ النبيِ |
|
وأمُّكَ بنتُ أبي جَحْدَرِ |
ونحنُ على رغْمِك الرافضو |
|
نَ لأهل الضلالةِ والمُنْكرِ |
قال : وبلغ السيِّد أنّ سوّاراً قد أعدّ جماعة يشهدون عليه بسرقةٍ ليقطعه ، فشكاه إلى أبي جعفر ، فدعا بسوّار وقال له : قد عزلتك عن الحكم للسيِّد أو عليه ، فما تعرّضَ له بسوء حتى مات (٢).
٧ ـ عن إسماعيل بن الساحر قال : تلاحى رجلان من بني عبد الله بن دارم في
__________________
(١) هو إياس بن معاوية بن قُرَّة المُزَني البصري ، ولاّه عمر بن عبد العزيز قضاء البصرة ، تُوفّي سنة (١٢٢) ، وحديث قبوله شهادة الفرزدق يوجد في الأغاني : ١١ / ٥٠ [٧ / ٢٧٥] ، و ١٩ / ٥٠ طبع بولاق. (المؤلف)
(٢) الأغاني : ٧ / ٢٨١ ـ ٢٨٢.