هو الإمام الذي نرجو النجاةَ بهِ |
|
من حرّ نارٍ على الأعداءِ مُسْتَعِرِ |
كتبتُ شِعري إليكمْ سائلاً لكمُ |
|
إذ كنتُ أُنقَلُ من دارٍ إلى حُفَرِ |
أن لا يَليني سواكم أهل بَصرَتِنا |
|
الجاحدون أو الحاوون للبِدَرِ |
ولا السلاطين إنَّ الظلمَ حالَفَهمْ |
|
فَعُرفُهمْ صائرٌ لا شكّ للنُكُرِ |
وكفِّنوني بياضاً لا يخالطُهُ |
|
شيء من الوشي أو من فاخر الحبِرِ |
ولا يُشيِّعني النُّصّابُ إنّهمُ |
|
شرُّ البريّة من أُنثى ومن ذَكَرِ |
عسى الإلهُ يُنَجِّيني برحمتِهِ |
|
ومَدحيَ الغُرُرَ الزاكين من سَقَرِ |
فإنّهم ليسارعون إليَّ ويُكبّرون (١).
فلمّا مات فعل الغلام ذلك ، فما أتى من البصريِّين إلاّ ثلاثة معهم ثلاثة أكفان وعِطر ، وأتى من الكوفيِّين خلقٌ عظيم معهم سبعون كفناً ، ووجَّه الرشيد ، بأخيه عليٍّ وبأكفانٍ وطيب ، فرُدَّت أكفان العامّة عليهم وكُفِّن في أكفان الرشيد ، وصلّى عليه عليُّ ابن المهدي وكبّر خمساً ووقف على قبره إلى أن سُطح ومضى ، كلُّ ذلك بأمر الرشيد.
وروي مجيء الكوفيِّين بسبعين كفناً عن أبي العينا (٢) عن أبيه وزاد : فلمّا مات دفن بناحية الكرخ ممّا يلي قطيعة الربيع.
وفي حديث موته له مكرمةٌ خالدةٌ تُذكر مدى الدهر ، وتُقرأ في صحيفة التاريخ مع الأبد. قال بشير بن عمّار : حضرت وفاة السيِّد في الرميلة ببغداد ، فوجّه رسولاً إلى صفِّ الجزّارين الكوفيِّين يُعلمهم بحاله ووفاته ، فغلط الرسول فذهب إلى صفِّ السموسين (كذا) فشتموه ولعنوه ، فعَلِم أنّه قد غلط ، فعاد إلى الكوفيِّين يُعْلِمهم بحاله ووفاته فوافاه سبعون كفناً. قال : وحضرنا جميعاً وإنّه ليتحسّر تحسّراً شديداً وإنَّ وجهه لأسودُ كالقار وما يتكلّم ، إلى أن أفاق إفاقة وفتح عينيه فنظر إلى ناحية القبلة
__________________
(١) لعله : ويكثرون.
(٢) أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاّد البصري : المتوفّى (٢٨٣). (المؤلف)