وبعد : فما تقول في رجل حَلَف بالطلاق أنّ الذي طلبت فاطمة عليهاالسلام هو حقٌّ ، وأنّ عليّا والحسن والحسين وأمّ أيمن ما شهدوا إلاّ بحقّ ، ما تقول في طلاقه؟ قال : ما عليه طلاق. قال : فإن حَلَف بالطلاق إنّهم قالوا غير الحقّ؟ قال : يقع الطلاق لأنّهم لم يقولوا إلاّ الحقّ. قال : فانظر في أمرك. فقال الكميت : أنا تائبٌ إلى الله ممّا قلت ، وأنت يا أبا هاشم أعلم وأفقه منّا.
وهو ـ مع تضلّعه في علمَي الكتاب والسنّة ومعرفته بالحجج الدينيّة وبصيرته بمناهج الحِجَاج في المذهب وإقامة الحجّة على من يُضادُّه في المبدإ ـ كان له يدٌ غير قصيرة في التاريخ ، وله كتاب تاريخ اليمن ، ذكره له الصفدي في الوافي بالوفيات (١ / ٤٩).
وفي شعره الطافح بمعاني الكتاب والسنّة شهادة صادقة على إحاطته بما فيها من مرامٍ وإشارات ونصوص وتصريحات. وكلّما ازدادت الفضيلة قوّةً والبرهان وضوحاً ، وكانت الحجّة بالغة كان اعتناؤه بسرد القريض فيها أكثر كحديث الغدير والمنزلة والتطهير والراية والطير وأمثالها ، ومنها : حديث العشيرة الوارد في قوله تعالى : (وأَنْذِرْ عَشيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ) (١) في بدء الدعوة النبويّة ، فقد أشار إليه في عدّة قصائد منها قوله :
بأبي أنت وأمِّي |
|
يا أمير المؤمنينا |
بأبي أنت وأُمّي |
|
وبرهطي أجمعينا |
وبأهلي وبمالي |
|
وبناتي والبنينا |
وفدتكَ النفسُ منّي |
|
يا إمامَ المتّقينا |
وأمينَ الله والوا |
|
رثَ علم الأوّلينا |
ووصيَّ المصطفى |
|
أحمدَ خيرِ المرسلينا |
__________________
(١) الشعراء : ٢١٤.