ولاء أهل البيت عليهمالسلام كان على بصيرة من أمره عن علم متدفّق ومعرفة ناضجة لا كمَن يتلقّى المبدأ عن تقليد بحت ومدرك بسيط ، ويغلب على فكره الجلبة والصخب.
فمن نماذج علمه ما مرَّ (ص ٢٥٨) من حِجاجه مع القاضي سوّار في مجلس المنصور حول القول بالرجعة وإفحامه إيّاه بالكتاب والسنّة. وما مرّ (ص ٢٦٤).
قال المرزباني في أخبار السيِّد (١) : قيل : إنَّ السيِّد حجَّ أيام هشام فَلَقي الكميت فسلَّم عليه ، وقال : أنت القائل :
ولا أقولُ إذا لم يُعطيا فدَكاً |
|
بنتَ الرسول ولا ميراثه كَفَرا |
الله يعلمُ ما ذا يأتيانِ به |
|
يومَ القيامة من عُذرٍ إذا حضرا |
قال : نعم قلته تقيّة من بني أميّة ، وفي مضمون قولي شهادةٌ عليهما أنّهما أخذا ما كان في يدها.
فقال السيِّد : لو لا إقامة الحُجّة لوسِعَني السكوت ، لقد ضَعُفتَ يا هذا عن الحقِّ. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : «فاطمة بضعةٌ منّي يريبني ما رابها ، وإنَّ الله يغضب لغضبها ويرضى لرضاها» فخالفت رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهب لها فدكاً بأمر الله له ، وشهد لها أمير المؤمنين والحسن والحسين وأمُّ أيمَن ، بأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطَع فاطمة فَدَكاً فلم يحكما لها بذلك ، والله تعالى يقول : (يَرِثُني ويَرِثُ من آل يعقوب) (٢). ويقول : (وورِثَ سليمانُ داودَ) (٣)). وهم يجعلون سبب مصير الخلافة إليهم الصلاة وشهادة المرأة لأبيها ؛ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «مروا فلاناً بالصلاة بالناس» فصُدِّقت المرأة لأبيها ولا تصدّق فاطمة وعليٌّ والحسن والحسين وأمُّ أيمن في مثل فَدَك ، وتُطالبُ مثل فاطمة بالبيِّنة على ما ادَّعت لأبيها ، وتقول أنت مثل هذا القول.
__________________
(١) أخبار السيِّد الحميري : ص ١٧٨.
(٢) مريم : ٦.
(٣) النمل : ١٦.