من الطعام بمثل ما صنعت ثمّ اجمعهم إليَّ.
قال : ففعلت ثمّ جمعتهم ثمّ دعاني بالطعام فقرَّبته لهم ، ففعل كما فعل بالأمس ، فأكلوا حتى ما لهم بشيء حاجة. ثمّ قال : اسقهم ، فجئتهم بذلك العُسّ فشربوا حتى روُوا منه جميعاً.
ثمّ تكلّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا بني عبد المطّلب ، إنّي والله ما أعلم شابّا في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوَكم إليه ، فأيُّكم يوازرُني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم؟
قال : فأحجم القوم عنها جميعاً وقلت ـ وإنّي لأحدثهم سنّا ، وأرمصهم عيناً ، وأعظمهم بطناً ، وأحمشهم ساقاً ـ : أنا يا نبيَّ الله أكون وزيرك عليه. فأخذ برقبتي ثمّ قال : إنَّ هذا أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا.
قال : فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع». وبهذا اللفظ أخرجه أبو جعفر الإسكافي المتكلّم المعتزلي البغدادي : المتوفّى (٢٤٠) في كتابه نقض العثمانيّة (١) وقال : إنّه رُوي في الخبر الصحيح (٢)). ورواه الفقيه برهان الدين (٣) في أنباء نجباء الأبناء (ص ٤٦ ـ ٤٨) ، وابن الأثير في الكامل (٤) (٢ / ٢٤) ، وأبو الفدا عماد الدين الدمشقي في تاريخه (١ / ١١٦) ، وشهاب الدين الخفاجي في شرح الشفا (٥) للقاضي عياض (٣ / ٣٧) ـ وبتر آخره ـ وقال : ذكر في
__________________
(١) راجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ٣ / ٢٦٣ [١٣ / ٢٤٤ خطبة ٢٣٨]. (المؤلف)
(٢) نقض العثمانية : ص ٣٠٣.
(٣) محمد بن محمد بن محمد بن ظفر المكّي المغربي المولود (٤٩٧) والمتوفّى (٥٦٥ ، ٥٦٧). (المؤلف)
(٤) الكامل في التاريخ : ١ / ٤٨٧.
(٥) نسيم الرياض : ٣ / ٣٥.