فقال : أين يحيى بن زيد؟
ثمّ قيل : ائذنوا لهم ، فدخلوا وفيهم الغَمْر بن يزيد ، وكان له صديقاً فأومأ إليه : أن ارتفع فأجلسه معه على طنفسته ، وقال للباقين : اجلسوا ، وأهل خراسان قيامٌ بأيديهم العُمُد.
فقال : أين العبديّ؟ فقام وأخذ في قصيدته التي يقول فيها :
أمّا الدعاة إلى الجِنانِ فهاشمٌ |
|
وبنو أميّة من دعاةِ النارِ |
فلمّا أنشد أبياتاً منها قال الغمر : يا ابن الزانية؟ فانقطع العبدي وأطرق عبد الله ساعة ، ثمّ قال : امض في نشيدك. فلمّا فرغ رمى إليه بصرّة فيها ثلاثمائة دينار ثمّ تمثّل بقول القائل :
ولقد ساءني وساء سوايَ |
|
قُربُهمْ من منابرٍ وكراسي |
أنزِلوها بحيثُ أنزلَها الله |
|
بدارِ الهوانِ والإتعاسِ |
لا تُقيلَنَّ عبدَ شمسٍ عِثاراً |
|
واقطعوا كلَّ نخلةٍ وغِراسِ |
واذكروا مصرع الحسين وزيدٍ |
|
وقتيلاً بجانبِ المهراسِ (١) |
ثمّ قال لأهل خراسان : دهيد (٢) فشُدِخوا بالعُمُد حتى سالت أدمغتهم ، وقام الكلبي فقال : أيّها الأمير ، أنا رجلٌ من كلب لستُ منهم ، فقال :
ومُدْخلٍ رأسَهُ لم يُدْنِهِ أَحَدٌ |
|
بين الفريقينِ حتى لزَّه القَرَنُ |
ثمّ قال : دهيد. فشُدخ الكلبي معهم ثمّ التفت إلى الغمر فقال : لا خير لك في الحياة بعدهم. قال : أجل. فَقُتِل ، ثمّ دعا ببراذع (٣) فألقاها عليهم وبسط عليها
__________________
(١) المهراس : ماء بجبل أُحد. ويعني بالقتيل : حمزة بن عبد المطّلب ـ رضوان الله عليه.
(٢) كلمة فارسية. (المؤلف)
(٣) البرذعة : كساء يُلقى على ظهر الدابة. (المؤلف)