عليه في طريقه فأخذوها منه غصباً ، وقالوا له : إن شئتَ أن تأخذ المال فافعل ، وإلاّ فأنت أعلم ، فقال لهم : إنّي والله لا أعطيكم إيّاها طوعاً ولا تنفعكم غصباً وأشكوكم إلى الرضا عليهالسلام فصالحوه على أن أَعطَوه الثلاثين ألف درهم وفرد كُمٍّ من بِطانتها ، فرضي بذلك ، فأعطوه فرد كُمٍّ فكان في أكفانه ، وكتب قصيدته :
مدارسُ آياتٍ خلَتْ من تلاوةٍ |
|
ومنزلُ وحيٍ مُقفِرُ العرصاتِ |
فيما يقال على ثوب وأحرم فيه وأمر بأن يكون في أكفانه (١).
وروى في (ص ٣٩) (٢) عن دعبل قال : لمّا هربتُ من الخليفة بتُّ ليلةً بنيسابور وحدي ، وعزمتُ على أن أعمل قصيدة في عبد الله بن طاهر في تلك الليلة ، فإنّي لفي ذلك إذ سمعت والباب مردودٌ عليَّ : السلام عليكم ورحمة الله ، انجُ يرحمك الله ، فاقشَعَرَّ بدني من ذلك ونالني أمرٌ عظيمٌ ، فقال لي : لا تُرَع عافاك الله ، فإنّي رجلٌ من إخوانك من الجنِّ من ساكني اليمن ، طرأ إلينا طارئ من أهل العراق فأنشدنا قصيدتك :
مدراسُ آياتٍ خلَتْ من تِلاوةٍ |
|
ومنزلُ وحيٍ مُقفِرُ العرصات |
فأحببتُ أن أسمعها منك ، قال فأنشدته إيّاها فبكى حتى خرَّ ، ثمَّ قال : رَحِمَك الله ألا أُحدِّثُكَ حديثاً يزيد في نيّتك ويعينك على التمسّكِ بمذهبك؟ قلت : بلى.
قال : مكثتُ حيناً أسمع بذكر جعفر بن محمد عليهالسلام فصرتُ إلى المدينة فسمعته يقول : حدّثني أبي عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «عليٌّ وشيعته هم الفائزون». ثمّ ودّعني لينصرف فقلت له : يرحمك الله إن رأيت ، أن تُخبرني باسمك فافعل. قال : أنا ظبيان بن عامر (٣).
__________________
(١) وذكر في معجم الأدباء : ٤ / ١٩٦ [١١ / ١٠٣] ، ومعاهد التنصيص : ١ / ٢٠٥ [٢ / ١٩٩ رقم ١١٥] ، وعصر المأمون : ٣ / ٢٥٥. (المؤلف)
(٢) الأغاني : ٢٠ / ١٥٥.
(٣) وذكره صاحب معاهد التنصيص : ١ / ٢٠٥. (المؤلف)