أنت يا شيبة؟» قال : قلت : أنا أشرف منك ، أنا أمين الله على بيته وخازنه ، أفلا ائتمنك كما ائتمنني؟!
قال : فقال لهما : «اجعلاني معكما فخراً». قالا : نعم. قال : «فأنا أشرف منكما ، أنا أوّل من آمن بالوعيد من ذكور هذه الأمّة ، وهاجر ، وجاهد».
وانطلقوا ثلاثتهم إلى النبيّ ، فأخبر كلُّ واحد منهم بمفخره ، فما أجابهم النبيُّ بشيء ، فانصرفوا عنه ، فنزل جبرئيل عليهالسلام بالوحي بعد أيّام فيهم ، فأرسل النبيُّ إليهم ثلاثتهم حتى أتوه ، فقرأ عليهم : (أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) الآية.
حديث هذه المفاخرة ونزول الآية فيها أخرجه كثيرٌ من الحفّاظ والعلماء مجملاً ومفصّلاً ، منهم : الواحدي في أسباب النزول (١) (ص ١٨٢) نقلاً عن الحسن والشعبي والقرظي. القرطبي في تفسيره (٢) (٨ / ٩١) عن السدِّي. الرازي في تفسيره (٣) (٤ / ٤٢٢). الخازن في تفسيره (٤) (٢ / ٢٢١) قال : وقال الشعبي ومحمد بن كعب القرظي : نزلت في عليّ بن أبي طالب والعبّاس بن عبد المطّلب وطلحة بن أبي شيبة (٥) افتخروا فقال طلحة : أنا صاحب البيت بيدي مفاتيحه. وقال العبّاس : وأنا صاحب السقاية والقيام عليها. وقال عليّ : «ما أدري ما تقولون ، لقد صلّيت إلى القبلة ستّة أشهر قبل الناس ، وأنا صاحب الجهاد». فأنزل الله هذه الآية.
__________________
(١) أسباب النزول : ص ١٦٤.
(٢) الجامع لأحكام القرآن : ٨ / ٥٩.
(٣) التفسير الكبير : ١٦ / ١١.
(٤) تفسير الخازن : ٢ / ٢١١.
(٥) ليس هناك من يسمّى طلحة بن أبي شيبة! وإنّما الصواب فيه ما تقدّم عن الطبري ، وهو شيبة بن عثمان بن أبي طلحة. قال ابن عبد البرّ في الاستيعاب : القسم الثاني / ٧١٢ رقم ١٢٠٥ : شيبة هذا هو جدّ بني شيبة حَجَبَة الكعبة إلى اليوم دون سائر الناس. أقول : ولا زال مفاتح الكعبة بيد بني شيبة حتى يومنا هذا. (الطباطبائي)