وكان مطر الوراق ، وبشير الرحال من أصحاب إبراهيم بن عبد اللّه ، وكان حَكَمُ المعتزلي من أصحاب عيسى بن زيد ، والروايات بذلك من علماء أهل البيت عليهمالسلام ظاهرة ، وكتب القاسم ويحيى والناصر والمهدي ـ يعني أبا عبد اللّه الداعي ـ وأحمد بن عيسى وغيرهم من أئمتهم عليهمالسلام مشحونة بذكر العدل والتوحيد.
وروى أنّ أبا الخطاب وجماعة دخلوا على زيد بن علي عليهماالسلام فسألوه عن مذهبه ، فقال : إنّي أبرأ ، إلى اللّه من المشبهة الذين شبّهوا اللّه بخلقه ، ومن المجبرة الذين حملوا ذنوبهم على اللّه ، ومن المرجئة الذين طمَّعوا الفسّاق في عفو اللّه ، ومن المارقة الذين كفّروا أمير الموَمنين ، ومن الرافضة الذين كفّروا أبا بكر وعمر ، وهذا عين مذهب أهل العدل ، وكان إمام هذه الطائفة بعد أمير الموَمنين والحسن والحسين ومحمد بن علي (١) وعلي بن الحسين ، زيد بن علي بن الحسين عليهالسلام ورحمة اللّه وبركاته وجميع أولاد أمير الموَمنين ، إلاّ أنّ زيداً تقدمهم بالفضل والعلم والجهاد في سبيل اللّه (٢).
هذا مجمل القضاء في الموضوع وقد « شهد شاهد من أهلها » على ما ذكرنا غير أنّ البرهنة على المختار ، وأنّ ما نسب إلى زيد من الآراء فإنّما هي أرآء الزيدية ، لا الاِمام القائد ولأجل ذلك ، لانجد أثراً من هذه الآراء المعزوّة إليه في الكتب الموروثة منه. حتى لو وجدنا أنّ أئمة الزيدية لهجوا بها ـ كالقاسم الرسي ـ رأس القاسمية (١٧٠ ـ٢٤٢ هـ) والناصر الأطروش ـ رأس الناصرية ( ٢٣٠ ـ ٣٠٤ هـ ) موَسس المذهب الزيدي في بلاد الديلم والجبل ، والاِمام الهادي إلى الحقّ به رأس الهادوية في اليمن (٢٤٥ ـ ٢٩٨ هـ) لا يكون ذلك دليلاً على ثبوته من إمامهم ،
__________________
١ ـ يريد محمدبن الحنفية بقرينة تقديمه على والد زيد : علي بن الحسين عليهماالسلام.
٢ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ٩٩ ـ ١٠٠.