فلم يمنعه ذلك أن بعثه اللّه نبياً ، وجعله للعرب أباً فأخرج من صلبه خير البشر محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم فتقول لي هذا وأنا ابن فاطمة وابن علي ، وقام وهو يقول :
شـرده الخـوف وأزرى بـه |
|
كذاك من يكره حرّ الجلاد (١) |
فمضى عليه إلى الكوفة وخرج عنها ومعه القراء والأشراف فحاربه يوسف ابن عمر الثقفي (٢).
ونقل الشيخ المفيد وأكمله بقوله :
« فوثب هشام عن مجلسه (بعد ما أجابه زيد) وقال : لايبيتنّ هذا في عسكري الليلة ، فخرج زيد وهو يقول : إنّه لم يكره قط قوم حدّ السيوف إلاّ ذلّوا فلمّا وصل إلى الكوفة اجتمع إليه أهلها فلم يزالوا به حتى بايعوه على الحرب ثم نقضوا بيعته وأسلموه ، فقتل وصلب بينهم أربع سنين لا ينكر أحد منهم ولا يعينوه بيد ولا لسان (٣).
دخل زيد على هشام وقد احتشد المجلس بأهل الشام فقال : ما يصنع أخوك البقرة؟ فغضب زيد حتى كاد يخرج من إهابه وقال : سمّاه رسول اللّه الباقر ، وأنت تسمّيه البقرة ، لشد ما اختلفتما ، لتخالفه في الآخرة كما خالفته في الدنيا فيرد الجنّة وترد النار ، فانقطع هشام عن الجواب وبان عليه العجز ، ولم يستطع دون أن صاح لغلمانه : أخرجوا هذا الأحمق المالق ، فأخذ الغلمان بيده فأقاموه (٤).
__________________
١ ـ مضت الأبيات : ص ٩٨ ، فراجع.
٢ ـ مروج الذهب : ٣ / ٢٠٦ ـ ٢٠٧.
٣ ـ المفيد : الاِرشاد : ٢٦٨ ـ ٢٦٩ وابن مهنا : عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
٤ ـ ابن قتيبة : عيون الأخبار : ١ / ٢١٢ ، وابن أبي الحديد : شرح نهج البلاغة : ٣ / ٢٨٦ ، الطبرسي : أعلام الورى : ٢٥٧.