٤ ـ قال سلمة بن كهيل : ننشدك اللّه كم بايعك؟ قال : أربعون ألفاً ، قال : فكم بايع جدك؟ قال : ثمانون ألفاً ، قال : فكم حصل معه ، قال ثلاثمائة ، قال : نشدتك اللّه ، أنت خير أم جدك؟ قال : جدي.
قال : فهذا القرن خير أم ذلك القرن؟ قال : ذلك القرن. قال : أفتطمع أن يفي لك هوَلاء ، وقد غدر هوَلاء بجدك. قال : قد بايعوني ووجبت البيعة في عنقي وأعناقهم ، قال : أفتأذن لي أن أخرج من هذا البلد؟ فلا آمن أن يحدث حدث فلا أملك نفسي ، فأذن له فخرج إلى اليمامة (١).
٥ ـ كتب عبد اللّه بن الحسن بن الحسن إلى زيد : أمّا بعد فإنّ أهل الكوفة نفخ العلانية ، خوَر السريرة ، هرج في الرخاء ، جزع في اللقاء ، تقدّمهم ألسنتهم ، ولاتشايعهم قلوبهم. ولقد تواترت إليّ كتبهم بدعوتهم فصممتُ عن ندائهم ، وألبست قلبي غشاءً عن ذكرهم ، يأساً منهم واطِّراحاً لهم ، ومالهم مثل إلاّ ما قال علي بن أبي طالب : « إن أُهملتم ، خضتم ، وإن حوربتم خرتم ، وإن اجتمع الناس على إمام طعنتم ، وإن أجبتم إلى مشاقة نكصتم » (٢).
هذه النصائح لم تكن رادعة لزيد عن أُمنيته وجهاده ، لأنّه كان واقفاً على ما تنطوي عليه سرائر أهل الكوفة من التساهل في مجال العمل بالمواثيق والعهود ، ولكنه عليهالسلام لم يصغ إلى شيء منها ، لأنّه كان موطّناً نفسه على القتل والشهادة سواء أنال بغيته الظاهرة أي الحكومة والسلطة أم لا ، وذلك لأنّ من أهدافه العالية إنهاض المسلمين إلى الثورة ولو باستشهاده وقتله في سبيل اللّه
__________________
١ ـ الطبري : التاريخ : ٥ / ٤٨٩ ، الجزري : الكامل : ٥ / ٢٣٥.
٢ ـ الطبري : التاريخ : ٥ / ٤٨٩ ، الجزري : الكامل : ٥ / ٢٣٥.