وما ذكرناه يوقف الاِنسان على صورة بسيطة من الحكومة الاِسلامية المتجلية في نظرية الاِمامة أو الخلافة وليس فيها أي استبداد وسلب الحريات ، وأمّا تخصيص التشريع باللّه سبحانه ، فلأنّه سبحانه أعرف بمصالح عباده ، ولأنّ التقنين سلطة على الأموال والنفوس وهي فرع وجود الولاية عليهما ، ولا ولاية لأحد على أحد إلاّ للّه سبحانه ، فلأجل ذلك خصّ التشريع به سبحانه ، وأمّا المرحلتان الباقيتان أعني الاِفتاء والتخطيط ، فيقوم به فريق منهم ، لهم صلاحيات وقابليّات. فالاِفتاء وإن كان رهن شروط ولكنه لا يشترط فيه رضا الأمّة ، لأنّه مقام علمي ، يتوقف على حيازته ويكفي ثبوت الصلاحية له ، اقترانه بتصديق الخبراء.
نعم التصدي للتخطيط ، رهن رضا الأمّة وتحقيق الرضا وتجسيدها يتبع مصالح العصر وشعور الأمّة.
وأمّا السلطة التنفيذية ، فلو كان الحاكم منصوباً من اللّه سبحانه ، فهو المتبع ، كما في مورد الرسول ، والاِمام المنصوص بعده ، وإلا فالسلطة لفريق من الأمّة ، يتمتع بصفات وقابليات مذكورة في السنّة ، أهمها كونها موضع رضا الأمّة ، ويتجسّد رضاهم بصورة مختلفة مذكورة في محلها.
ومثلها السلطة القضائية فلا يصلح لها إلاّ فريق لهم صفات وموَهلات ، وتنتهي سلطته ، إلى رضا الأمّة الذي يتجسد بصور شتى.
إنّ المطروح لدى الزيدية من الاِمامة غير ما ذكرنا ولو كان الملاك لتبيين مذهبهم ما ذكره كتّاب العقائد من غيرهم ، وابن المرتضى من أنفسهم ، فنظام الاِمامة في غير مورد المنصوص عليه عندهم ، أمر لا يلائم روح الكتاب والسنّة ولا