شخصيات زيدية ذات اتجاهات خاصة
الطابع الفريد للمذهب الزيدي ، هو أنّه عقليّ في الأصول والعقائد ، يقتفي أثر الدليل والبرهان ويتعرض للشكوك والشبهات ، ويجيب عنها ، وهو يرافق المعتزلة في أكثر المسائل إلاّ ما يرجع إلى الاِمامة ، ويناضل الأشاعرة في غالبها. ومع أنّ المذهب الأشعري ، هو المذهب المعتدل بين المذهب العقلي المحض (الاعتزال) والنقليّ المحضّ (الحشوية) فالمذهب الزيدي لايرافقه إلاّ في الأقل القليل في مجال العقائد.
وأمّا اتجاهه في الفقه فهو نفس ذلك الاتجاه ، فالفقه الرائج بين الزيدية هو فقه الاِمـام يحيـى الهـادي (٢٤٥ ـ ٢٩٨ هـ) ، موَلّف « الأحكام » ولكنه حنفيّ الاتجاه ، يعمل بالقياس والاستحسان ، ويرجّح بالعقل عند تعارض الأدلة.
هذا هو طابع المذهب الزيدي ، ومع ذلك ترى أنّ شخصيات بارزة نقضوا ذلك الاِطار ، وتحرّروا عن القيد الذي ضربه المذهب عليهم ، وهم بين :
متفتّح مع السلف وأهل الحديث ، أو موَيد للحركة الوهابية المدّمرة لآثار الرسالة باسم مكافحة الشرك.
والممثّل للاتجاه الأوّل ، هو ابن الوزير في القرن الثامن ، كما أنّ الممثّل للاتجاه الثاني ، الأمير الصنعاني في القرن الثاني عشر ، والجامع بين الاتجاهين في القرن الثالث عشر هو الشوكاني وبما أنّه كان لهم دور في تطوير المذهب الزيدي في بعض الأدوار ، وإن غاب نجمهم بعد حين ، ناسب أن نشير إلى زوايا من حياتهم وتفكيراتهم حسب التسلسل الزمني.