يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره إنّما هو عقيدة كل آل البيت أخذوه من مستقى الوحي وكلام الوصي علي عليهالسلام وقد أوضح الحال عندما سأله رجل عند منصرفه من صفين بما هو معروف (١) وقد اشتهر عنهم : « لا جبر ولا تفويض بل أمر بين الأمرين » وزيد وغيره وجميع الشيعة أمام هذا الأصل سواسية.
لقد كثر اللغط والجَلَبَة حول البداء فمن طاعن عليه بأنّ معنى قولهم بدا للّه ، هو ظهور ما خفي عليه ، وهو يستلزم جهله سبحانه بالمستقبل وتغيير إرادته المستلزمة لحدوث ذاته إلى غير ذلك من المضاعفات ، ومن قائل بأنّ المقصود من بدا للّه ، هو أنّه بدا للناس من اللّه والاِطلاق من باب المشاكلة ، والنبي الأكرم هو الأسوة في الاِطلاق فقد وصفه سبحانه بهذا في كلامه ونقلها البخاري (٢) وإلاّ فأي مسلم واع يلهج بتجويز الجهل أو تغيير إرادته ، فمن المأسوف عليه جداً أنّ الناقمين من الشيعة في قولهم بالبداء تساهلوا في بيان عقيدتهم وراجعوا في تبيين مواقفهم إلى كتاب خصمائهم.
نعم ذكر الشيخ المفيد على أنّ الاِمامية اتفقوا على أنّ إطلاق لفظ البداء في وصف اللّه تعالى وإن كان ذلك من جهة السمع دون القياس وأضاف : وأجمعت المعتزلة والخوارج والزيدية والمرجئة وأصحاب الحديث على خلاف الاِمامية (٣).
وما ذكره المفيد إنّما هو عقيدة الزيدية ، لا الاِمام زيد ، ولا ملازمة بين الرأيين والمخالف لو وقف على مقصود الاِمامية من البداء لما خالفه وتلقاه أمراً صحيحاً ، ولأجل أنّ الشيخ أبا زهرة وقف على مقاصدهم البداء بعد الاحتكاك بعلمائهم
__________________
١ ـ الرضي : نهج البلاغة : قصار الحكم برقم ٧٨.
٢ ـ البخاري : الصحيح : ٤ / ١٧١ ، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع.
٣ ـ المفيد : أوائل المقالات : ١٣ / ٥٣.