إنّ العلاّمة السياغي وغيره عدّوا كثيراً من فقهاء أهل السنّة ونسّاكهم من أتباع الاِمام زيد ، وحاولوا بذلك شيوع إمامته والاقتداء به يوم ظهوره وخروجه ، ولكن الموَيد لثورة زيد ، غير كونه تابعاً لزيد في الأصول والفروع.
وهناك كلمة قيّمة لنشوان الحميري قد رفع بها الستر عن وجه الحقيقة وقال : « اجتمع طوائف الناس على اختلاف آرائهم على مبايعته ، فلم يكن المعتزلي أسرع إليها من المرجىَ ، ولا المرجىَ من الخارجي ، فكانت بيعته عليهالسلام مشتملة على فرق الأمّة على اختلافها (١).
إنّ أبا حنيفة إمام السنّة دعم خروج زيد بالمال ، وأفتى بوجوب نصرة زيد وقد أرسل المال إليه ، كما هو مذكور في غير واحد من المعاجم ، مع أنه لم يكن تابعاً لزيد لا في الأصول ولا في الفروع.
إنّ لفيفاً من فقهاء أهل السنّة ، كانوا يعانون من جور بني أُمية وطغيانهم ، لمّا وقفوا على خروج زيد قاموا بدعمه وإمداده بالقول والعمل ، فصاروا معروفين بالزيدية وما هم من الزيدية بشيء إلاّ تصويب خروج زيد ، وإمداده ، والزيدي عندنا ، من يقتفيه في العقيدة والعمل.
وبذلك يظهر التأمل في بعض ما ذكره الحاكم الجشمي البيهقي (٤١٣ ـ ٤٩٤ هـ) في جلاء الأبصار.
قال : وعن محمد بن زيد قال : بعث أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ إلى زيد بن علي عليهماالسلام بمال ، وقال : استعن به على ما أنت فيه. وعن فضيل ابن الزبير قال : كنت رسول زيد بن علي إلى أبي حنيفة ، فسألني من يأتيه من الفقهاء؟ فقلت :
____________
١ ـ نشوان الحميري : الحور العين : ١٨٥. ولكلامه صلة سيوافيك.