هل كان زيد معتزليّ المبدأ والفكرة
ولمّا كان أحد الأمور الدافعة إلى القول بأنّ زيداً كان ذا منهاج كلامي خاص ، هو صلته بواصل رئيس المعتزلة ، نطرح الموضوع على طاولة البحث ليتبيّـن مدى صحة ذلك الوهم.
هل كانت الصلة بين زيد وواصل بن عطاء على أساس أنّهما يذهبان إلى وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو أحد الأصول الخمسة لدى المعتزلة (١) أو أنّ الصلة بينهما كانت على أساس أنّ زيداً تتلمذ على واصل وتخرج عليه في الأصول. المعروف هو الثاني ، والحقّ هو الأوّل لوجوه :
أوّلاً : كانت العاصمة العلمية للمسلمين يوم ذاك (أوائل القرن الثاني الهجري) هي المدينة المنورة ، فكانت تزدحم بالعلماء والمفكرين ، وعلى رأسهم محمد الباقر عليهالسلام وبعده شيخ الهاشميين عبد اللّه بن الحسن بن الحسن وغيرهما من مشاهير المحدثين والمفسرين وعلى ضوء ذلك فلم يكن في ذلك أي حافز لمغادرة المدينة إلى العراق ثم البصرة. ولم تكن البصرة يوم ذاك إلاّ مركزاً أدبياً لغوياً
__________________
١ ـ الانتصار : ٥ ؛ ومقالات الاِسلاميين : ١ / ٢٧٨.