حتى يقضوا على عروش بني أُمية ، ومن حسن الحظ أنّ زيداً وصل إلى تلك الأمنية ، فقد تواترت الثورات بعد زيد هنا وهناك ضد النظام فأُزيلت عروشهم بعد استشهاده بمدّة لاتزيد على عشر سنوات ، فصارت جثث بني أُمية طعمة للكلاب والوحوش ، فاستوَصلوا من الأراضي الاِسلامية ولم يبق منهم إلا حثالات فرّوا إلى الأندلس أو كانوا فيها وما أجاب به زيد ، سلمة بن كهيل من كون بيعة الكوفيين على عنقه ولابد له من الوفاء بها فإنّما كان جواباً ظاهرياً لاقناع سلمة ، وإلاّ فللعمل بالميثاق شروط أوضحها كون الظروف هادئة والعدو غافلاً ، أو ضعيفاً والمبايعين صامدين في طريق بيعتهم ولم يكن واحد منها موجوداً.
ولما استتب الأمر لزيد وكانت الثورة تستفحل يوماً بعد يوم ويرجع الناس إلى زيد زرافات ووحداناً.
اجتمعت إليه جماعة من المبايعين ، فقالوا : رحمك اللّه ما قولك في أبي بكر وعمر؟ فقال : رحمهما اللّه وغفر لهما ما سمعت أحداً من أهل بيتي يتبرّأ منهما ولا يقول فيهما إلاّ خيراً ، قالوا : فلم تطلب إذاً بدم أهل هذا البيت؟ إلاّ أن وثبا على سلطانكم فنزعاه من أيديكم ، فقال لهم زيد : إنّ أشد ما أقول فيما ذكرتم إنّا كنّا أحقّ بسلطان رسول اللّه من الناس أجمعين وإنّ القوم استأثروا علينا ودفعونا عنه ولم يبلغ ذلك عندنا بهم كفراً ، قد ولّوا فعدلوا في الناس وعملوا بالكتاب والسنّة. قالوا : فلم يظلمك هوَلاء إذا كان أُولئك لم يظلموك؟ فلمَ تدعو إلى قتال قوم ليسوا لك بظالمين؟ فقال : إنّ هوَلاء ليسوا كأُولئك ، إنّ هوَلاء ظالمون لي ولكم ولأنفسهم ، ففارقوه ونكثوا بيعته وقالوا : سبق الاِمام وكانوا يزعمون أنّ أبا جعفر محمد بن علي أخا زيد بن علي هو الاِمام وكان قد هلك يومئذ ، وكان ابنه جعفر بن محمد حياً.