٥
ثورة عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث
لا يهمّنا في المقام بيان تفاصيل الثورة التي جاءت في تاريخ الطبري والكامل وغيرهما وإنّما يهمّنا الاِلماع إلى النقطة الحساسة في خطب الثائرين على النظام الأموي ، فقد ترى فيها محاكات عن خطب الاِمام أبي الشهداء وبذلك صاروا مستلهمين ثورتهم من ثورته ، وفكرتهم من فكرته ، وقد نقموا من النظام بنفس ما نقم به الاِمام منهم ، وإليك بيانها على وجه موجز :
أرسل الحجاج ، عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث إلى سجستان على رأس جيش عراقي وقد فتحوا من البلاد شيئاً كثيراً وكتب القائد في النهاية إلى الحجاج أنّ رأيه إيقاف الحرب في هذه البلاد حتى يعرفوا طريقها ، ويجبوا خراجها ، ولما وصل الكتاب إلى الحجاج كتب إليه كتاباً وبّخه فيه على إيقاف الحرب ، ثم أردفه بكتاب ثانٍ وثالث يأمره بالتوغّل في الحرب وأنّه إن أظهر العجز فالأمير أخوه إسحاق بن محمد.
ولما وصلت كتب الحجاج إلى عبد الرحمن جمع أصحابه وقال : أيّها الناس! إنّي لكم ناصح ولصلاحكم محب ، ثم ذكر ما دار بينه وبين الحجاج عن طريق الكتب ، وأنّه أمره بالتوغل في الحرب في أرض العدو ، وهي البلاد التي هلك فيها إخوانكم بالأمس. وقال : إنّما أنا رجل منكم أمضي إذا مضيتم ، وآبي إذا أبيتم. فثار إليه الناس فقالوا : لا بل نأبى على عدوّ اللّه ، ولا نسمع له ولا نطيع.