إنّ السبر في التاريخ يثبت بأنّ المزاملة العلمية والاجتماعية بين الشيعة الزيدية والشيعة الاِمامية في الأعصار السابقة كانت وطيدة. وكانت كل طائفة تعرف ما عند الطائفة الأخرى من العقائد والأحكام ، والأدب والشعر. وكانت المجالس المنعقدة في الجامعات والبيوت تحتفل بهما معاً. فكان يدور بينهما النقاش والاِفادة والاستفادة ، ويظهر ذلك من كتاب الشيخ المفيد أعني الفصول المختارة. كما يظهر أيضاً من الرجوع إلى كتابه أوائل المقالات على أنّ له رسالة خاصة في عقائد الجارودية من الزيدية.
كل ذلك يعرب عن صلة وثيقة بين الطائفتين. ولا إشكال أنّ الصلة كانت لصالحهما. ولكن لانعلم في أي عصر ضعفت هذه الصلة إلى أن كادت أن تنقطع.
فلأجل ذلك لانكاد نرى زيديّاً في جامعة النجف الأشرف وسائر حوزات الشيعة الاِمامية وبالعكس إلاّ نادراً. كما لا نرى أي صلة بين الطائفتين في الكتب الموَلفة في العصور الأخيرة من عصر ابن المرتضى إلى يومنا هذا.
ولعلّ الأجواء والظروف السياسية قد أوجدت تلك الهوة ما بينهما فخسرت الطائفتان علمياً وأدبياً إذ هما صنوان يقومان على جذور واحدة.
اسأله سبحانه أن يعيد الوحدة ما بين المسلمين عموماً ، وبين الطائفتين خصوصاً.