وهذا هو الشهرستاني يعرف الاِمام جعفر الصادق عليهالسلام بقوله : وهو ذو علم غزير في الدين ، وأدب كامل في الحكمة ، وزهد بالغ في الدنيا ، وورع تام عن الشهوات ، وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه ، ثم دخل العراق وأقام بها مدّة (١).
نعم كان الاعتقاد بظهور المهدي أمراً مسلماً بين المسلمين عامّة والشيعة خاصة ، وربما تطرأ الشبهة للعوام في حقّ بعض الأئمّة ، وقد نقل البغدادي أنّ من بين الشيعة من يقول : إنّ الاِمام الباقر هو المهدي المنتظر ، ويستدل بما روي عن النبي أنّه قال لجابر بن عبد اللّه الأنصاري : « إنّك تلقاه فاقرئه مني السلام » وكان جابر آخر من مات بالمدينة من الصحابة ، وكان قد عمي في آخر عمره ، وكان يمشي في المدينة ويقول : ياباقر ، ياباقر ، متى ألقاك؟ فمرّ يوماً في بعض سكك المدينة فناولته جارية صبياً كان في حجرها ، فقال لها : من هذا؟ فقالت : هذا محمد ابن علي بن الحسين بن علي ، فضمه إلى صدره وقبّل رأسه ويديه ثم قال : يابني ، جدّك رسول اللّه يقرئك السلام. ثم قال جابر : قد نعيت إلي نفسي ، فمات في تلك الليلة (٢).
وتبعه الاِسفرائيني في « التبصير » ، ونسبا إلى بعض الشيعة أنّهم اعتقدوا بأنّ المهدي المنتظر هو أبو جعفر الباقر عليهالسلام وليس في كتب الشيعة من هذه الفرقة من أثر ، ولعله كانت هنا شبهة لبعض الناس فماتت الشبهة بموتهم.
قال الأشعري : وهوَلاء يسوقون الاِمامة إلى أبي جعفر محمد بن علي ، وأنّ أبا
____________
١ ـ الشهرستاني : الملل والنحل : ١ / ١٦٦.
٢ ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : ٦٠.