وفي الختام :
نقل المقريزي عن عاصم بن عبيد اللّه أنّه قال : لقد أُصيب عندكم رجل ماكان في زمانكم مثله ، ولا أراه يكون بعده مثله (زيد بن علي) لقد رأيته وهو غلام حدث ، وأنّه ليسمع الشيء من ذكر اللّه فيغشى عليه ، حتى يقول القائل ما هو بعائد إلى الدنيا ... (١).
* * *
التحق الاِمام زيد العابدين عليهالسلام بالرفيق الأعلى ، ونصّ على إمامة ولده البارّ ، أبي جعفر محمد الباقر عليهالسلام الذي دان بفضله وعلمه وورعه الداني والقاصي ، والموَالف والمخالف قال ابن حجر : سمّي الاِمام باقراً ، لأنّه من بقر الأرض أي شقّها وإثارة مخبآتها ومكامنها ، فكذلك هو أظهر من مخبآت كنوز المعارف وحقائق الأحكام والحكم واللطائف ما لا يخفى إلاّ على منطمس البصيرة أو فاسد الطويّة والسريرة ، ومن ثم قيل هو باقر العلم وشاهر علمه ورافعه (٢).
لقد استنارت بقية الصحابة ووجوه التابعين ، من نوره ، وارتووا من منهل علمه ، فكان الاحتفال بمجالسه أكبر احتفال ، يوم ذاك. توفي الاِمام زين العابدين عليهالسلام ، وزيد بن علي في أوان حلُمه ، أو بعده بقليل فضّمه الاِمام الباقر إلى أولاده فكان يعطف عليه ويحنو إليه كالوالد الروَوف بالنسبة إلى أولاده إلى أن شبّ وترعرع ، وبلغ في العلم والعمل ما بلغ ، وقد نصّ بذلك أكثر من كتب عن زيد :
__________________
١ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ٩٨ ، لاحظ الخطط للمقريزي : ٢ / ٤١٩.
٢ ـ ابن حجر : الصواعق المحرقة : ٢٠٠ ، ط ٢ ، مكتبة القاهرة ( ١٣٨٥ هـ ـ ١٩٦٥ م ).