الرئيس (١) ، حتى يقف على أنّ صدور الكرامات من الأولياء ليس أمراً معضلاً ، بل الأصول العقلية توَيده والكتاب والسنّة يوافقانه.
إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، من الأصول المسلّمة لدى المسلمين عامّة من غير فرق بين الفرق : المعتزلة والأشاعرة والاِمامية. قال القاضي عبد الجبار : « لا خلاف بين الأمّة في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر » (٢).قال الشيخ المفيد : « إنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر باللسان فرض على الكفاية بشرط الحاجة إليه لقيام الحجّة على من لاعلم لديه إلاّ بذكره ... » (٣).
وهو مشروط بشروط مذكورة في كتب القوم ، غير أنّ الشيخ أبا زهرة زعم أنّ الأصل المذكور ، لايجتمع مع القول بالتقية ، وزعم أنّ أبا الشهداء وحفيده زيد الثائر أخذا بالأصل الأوّل ، وأمّا أباه أعني : علي زين العابدين رأى من الحكمة ألاّ يخرج إلاّ مع العدد والقوة ، ولأنّ تلك الحوادث (حوادث كربلاء) جعلته يشك في وجود النصراء الأقوياء في اعتقادهم ، فانصرف إلى العلم غير راض ولامطمئن للباطل.
ـ ثم قال : ـ ومن هنا تولد عند الشيعة مبدأ التقية وهي السكوت عن مقاومة الباطل من غير رضا به ـ إلى أن قال : ـ إنّ زيداً آمن بالأصل الأوّل وروي إنّه رخص في التقية لكنه كان في أوّل حياته وفي وقت انصرافه للدراسة كان يأخذ بمبدأ التقية ، لكنّه بعد أن درس الفرق المختلفة والتقى بأهل العراق غلب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (٤).
__________________
١ ـ أبو علي : الاِشارات : ٣ / ٤٩٧.
٢ ـ القاضي عبد الجبار : شرح الأصول الخمسة : ٧٤١.
٣ ـ المفيد : أوائل المقالات : ٩٨.
٤ ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : ٢١٥ ـ ٢١٧.