غير أنّ أبا زهرة زعم أنّ الاِمام زيد لا يرتضي شيئاً من هذا وذلك لأنّه يرى أنّ الاِمام من بني فاطمة رجل ككل الناس ليس بمعصوم عن الخطأ وليس علمه فيضاً ولو إشراقاً ، بل علمه بالدرس والبحث ويُخطىَ ويصيب كغيره من الناس ومادام كذلك فإنّه لا يحتاج إلى خارق العادات (١).
يلاحظ عليه : أنّ ما ذكره إنّما هو عقيدة أئمة الزيدية الذين جاءوا إلى الساحة ، شاهرين سيوفهم. فقاموا بالأمر في اليمن وغيره ولولاه لما استقرت إمامتهم ، ـ بعد كونهم أفراداً عاديين ـ وأمّا كونه معتقد زيد فلم يقم عليه دليل ، مع كونه معتقداً بإمامة الاِمام علي والسبطين وأبيه وأخيه عليهمالسلام بالنص ، وهو واضح لمن تتبع شوارد النصوص.
أضف إلى ذلك أنّ ظهور الكرامات على الأولياء والأبرار مما جوّزه أكثر الفرق وإنّما خالف فيه المعتزلة بشبهة أنّه تبطل دلالة المعجزة على النبوة. لكن جوزه من المعتزلة ابن الأخشيد ، وأبو الحسين البصري وكذا محقّقو الأشعرية كالجويني والغزالي وفخر الدين الرازي وغيرهم ، وأمّا الزيدية فالمذكور في كلام الشيخ المفيد ، أنّهم يوافقون المعتزلة في نفي صدورها لكن في كلام المتأخرين منهم ما يدلّ على العكس ، فقد نقل العلاّمة الشيخ فضل الزنجاني في تعليقته على أوائل المقالات عن الاِمام أبي الحسين يحيى بن حمزة بن علي الحسيني الذي كان من أفاضل الزيدية ومن القائمين بالأمر باليمن (٢) في كتابه الكبير المسمّى بالشامل إلى ذهاب الزيدية إلى جواز ظهورها (٣).
وياحبذا راجع أبا زهرة الكتب الفلسفية كالاِشارات والشفاء للشيخ
____________
١ ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : وكان عليه أن يلاحظ أوائل المقالات : ٤١ ، ٤٢ كما لاحظ سائر الموارد.
٢ ـ ولد بصنعاء سنة ٦٦٩ وتوفّي عام ٧٤٧ وكانت مدّة خلافته ٥١ سنة.
٣ ـ الزنجاني( ١٣٠١ ـ ١٣٦٠) : تعليقة أوائل المقالات : ٤١ ، طبعة تبريز.