ولايوجد اليوم في اليمن بين الزيدية من المفاهيم الكلامية المنسوبة إلى الفرق كالجارودية ، أو السليمانية ، أو البترية أو الصالحية ، إلاّ مفهوم واحد ، وهو المفهوم العام الذي تعرفت عليه وهو القول بإمامة زيد والخروج على وجه الظلمة واستمرار الاِمامة في بطن الحسنين ، وأنـّها بالطلب والفضل وأمّا أسماء تلك الفرق والعقائد المنسوب إليهم فلا توجد اليوم إلاّ في بطون الكتب والموَلّفات في الفرق الاِسلامية كالملل والنحل ونحوها.
فإذا كانت الحال في اليمن كما ذكره الفضيل شرف الدين فالبحث عن هذه الفرق من ناحية إيجابياتها وسلبياتها ليس مهماً بعد ما أبادهم الدهر ، وإنّما اللازم دراسة المفهوم الجامع بين فرقهم ، نعم هناك أمرين هامين يجب التنبيه عليهما :
إنّ موَرخي العقائد يسمّونهم بالزيدية شأنهم شأن سائر الفرق التابعة لاِمامها من غير فرق بين كونه إماماً في الأصول والعقائد كالشيخ الأشعري ، أو إماماً في الفقه والأحكام كالحنفي والشافعي ، فتصور لنا هذه التسمية (الزيدية) أنّ هذه الفرق تلقّت أُصولها وفروعها من إمامهم زيد الشهيد ، كما أخذت الأشاعرة أُصولها من الشيخ الأشعري ، والحنفية من إمامها أبي حنيفة.
ولكن هذه التسمية بهذا المفاد خاطئة جداً ، لأنّه لم تكن لزيد عقيدة خاصة في المسائل الكلامية حتى يكون أتباعه عيالاً له في هذا المجال ، كما أنّه لم يكن له كتاب فقهي استدلالي حتى يرجع المقلِّدون ، إليه في الفروع.
نعم إنّ الثابت عن زيد الشهيد ، أنّه كان يقول بالتوحيد والعدل شأن كل علوي يقتفي أثر الاِمام علي بن أبي طالب عليهالسلام. فليس القول بهذين الأصلين دليلاً على أنّهم اقتفوا زيداً في هذين الأصلين.