كما أنّ الثابت عنه في مجال الفقه يعود إلى المسند الذي تعرفت عليه ، وهو لا يتجاوز عن نقل أحاديث فقهية ، ولا يعلم منه مدى فقاهته واستطاعته في استخراج الفروع من الأصول ، وعلى فرض التسليم بذلك فالفقهاء المعروفون بالزيدية ابتداء من الاِمام أحمد بن عيسى ، إلى الاِمام القاسم الرسّـي ، إلى الاِمام يحيى الهادي ، إلى الناصر الأطروش ، حتى تصل النوبة إلى الاِمام المجتهد يحيى بن حمزة والاِمام المهدي بن المرتضى موَلّف « البحر الزخار » إلى غيرهم من فقهاء كبار ، فهوَلاء لم يعلم من أحوالهم أنّهم اعتمدوا في فتاواهم على فتوى إمام مذهبهم زيد ، بل المعلوم خلافه ، فإنّ الفقه المعروف بالفقه الزيدي إنّما وصل إلى ما وصل من السعة نتيجة جهد هوَلاء الفقهاء الكبار ، فهذا الفقه عطاء بحوثهم الشخصية التي ليس لها صلة بزيد.
ويوَيد ذلك : إنّ المذهب الزيدي يحرم التقليد على كل متمكن من أخذ الحكم من كتاب اللّه وسنة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم أو غيرهما من الأدلّة الشرعية ، ولايبيحه في الفروع إلاّ لغير المتمكن من الاجتهاد ، لقوله تعالى : « فَاسألُوا أهلَ الذِّكْرِ إنْ كُنتُمْ لأ تَعْلَمُون » (النحل ـ ٤٣) (١).
فإذا كان الأمر كذلك فالعطاء الموجود في الفقه الزيدي وأُصوله يرجع إلى رجال المذهب الزيدي على اختلاف طبقاتهم ، وهم بين إمام في المذهب كالاِمام القاسم بن إبراهيم المتوفى عام ٢٤٢ هـ وحفيده الاِمام الهادي يحيى بن الحسين المتوفى عام ٢٩٨ هـ والاِمام الناصر الأطروش الحسن بن علي المتوفى عام ٣٠٤ هـ.
إلى مخرّج للمذهب وهم الذين استخرجوا من كلام الأئمّة أو احتجاجاتهم أحكاماً لاتتعارض مع الكتاب والسنة ومن رجال هذه الطبقة :
١ ـ العلاّمة محمد بن منصور المردي المتوفى حوالي عام ٢٩٠ هـ.
__________________
١ ـ علي بن عبد الكريم الفضيل شرف الدين : الزيدية نظرية وتطبيق : ١١.