يلاحظ عليه : أنّ هذا أشبه بكلام من لا يعرف موضع الأصلين ومركزهما (وأُجلّ الشيخ أبا زهرة من أن يكون من تلك الزمرة) ويزعم أنّ بين الأصلين مطاردة ، وأنّ الزعيم الاِسلامي إمّا أن يختار الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو يلتجىء إلى التقية ، وأنت إذا راجعت إلى ما أسلفناه في الجزء الثالث حول الأصل الأوّل وفي الجزء السادس حول التقية لعرفت أنّ الأصلين من الأصول الاِسلامية المتقنة ولكل موردٍ وموقف حسب شروطهما وضوابطهما ، فلو أنّ أبا الشهداء وحفيده زيد بن علي قاما بالأمر وأمرا بالمعروف والنهي عن المنكر لأجل ظروف فرضته عليهما ، ولو كانت تلك الشروط مهيأة في زمن ابنه زين العابدين وأخيه محمد بن الحنفية لقاما مثل ما قاما ، فلو نرى أنّ الأخيرين التزما البيت وصارا جليسيه فلظروف فُرضت عليهما ، ولعمر الحقّ أنّ مثل هذا الكلام من شيخ المصريين غريب جداً إذ كيف يقول : « ومن هنا ـ أي قعود الاِمام السجاد ومحمد الحنفية عن الأمر بالمعروف ـ تولد عند الشيعة مبدأ التقية؟! أو ما يذكر قول اللّه سبحانه : « إلاّ أن تَتَّقُوا مِنهُم تُقاة » (آل عمران ـ ٢٨) أو قوله سبحانه : « مَن كَفَرَ بِاللّه مِن بِعدِ إيمانِهِ إلاّ مَنْ أُكرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالاِيمانِ » (النحل ـ ٢٨).
أو ما قرأ كلمات المفسرين حولهما حتى عمّموا مفادهما إلى اتقاء المسلم من المسلم الظالم؟ والحقّ أنّ الشيخ أبا زهرة مع كونه كاتباً ذا صدر رحب وإطلاع وسيع وقلم سيّال ، لكنه يخرج الظنون بصورة الأمور الواضحة القطعية ويضفي على حدسيّاته صبغة الجزم.
ذهبت العدلية ـ من غير فرق بين المعتزلة والاِمامية والزيدية ـ إلى أنّ صفات اللّه الذاتية كالعلم والقدرة والحياة غير ذاته مفهوماً ، وعينها مصداقاً ، دفعاً لوصمة التركيب ، الملازم للاِمكان ، المنزّه عنه سبحانه ، قال الشيخ المفيد : « إنّ اللّه عزّ وجلّ