يقول البغدادي : هوَلاء أتباع رجل من الرافضة كان يعرف بأبي كامل ، وكان يزعم بأنّ الصحابة قد كفروا بتركهم بيعة علي ، وكفر عليّ ، بتركه قتالهم ، وكان يلزمه قتالهم كما لزمه قتال أصحاب صفين ، وكان بشار بن برد الشاعر الأعمى على هذا المذهب ، وروى أنّه قيل : له ماتقول في الصحابة؟ قال : كفروا ، فقيل له : فماذا تقول في علي؟ فتمثل بقول الشاعر :
وما شر الثلاثة أم عمرو |
|
بصاحبك الذي لا تصبحينا |
وحكى أصحاب المقالات عن بشار أنّه ضم إلى ضلالته في تكفير الصحابة وتكفير علي معهم ضلالتين أُخريتين.
إحداهما : قوله برجعته إلى الدنيا قبل يوم القيامة ، كما ذهب إليه أصحاب الرجعة من الرافضة.
الثانية : قوله بتصويب إبليس في تفضيل النار على الأرض ، واستدلوا في ذلك بقول بشار في شعر له :
الأرض مظلمة والنار مشرقة |
|
والنار معبودة مذ كانت النار (١) |
يلاحظ عليه : بما ذكرنا في أوّل الفصل من أنّ عد فرقة من المذاهب الاِسلامية مشروط بوجود المقسم في القسم فلو لم يشم القسم رائحة المقسم فلا يصح عدّه قسماً منه ، فإنّ التشيع بالمعنى الاصطلاحي هو الاعتقاد بأنّ علياً عليهالسلام هو المنصوب للقيادة بعد رحيل الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومعنى ذلك لزوم متابعته والاقتفاء بأثره ، وأنّه الرجل الأمثل والأفضل بعد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإذا كان الرجل مبغضاً
__________________
١ ـ البغدادي : الفرق بين الفرق : ٥٤ ، والاِسفرائيني ، التبصير : ٣٥ ، تحقيق كمال يوسف الحوت.