الستة عشر فرسخاً من الكوفة ، ومات في تلك الفتنة إدريس بن عبد اللّه بن الحسن بأرض المغرب ، وقيل : إنّه سُمَّ بها ، ومات عبد اللّه بن الحسن بن الحسن والد أُولئك الاِخوة الثلاثة في سجن المنصور ، وقبره بالقادسية ، وهو مشهد معروف يزار (١).
يلاحظ عليه : من سبر تاريخ العلويين يذعن بأنّه كانت في عصر الاِمام الصادق عليهالسلام وأيام إمامته (١١٤ ـ ١٤٨ هـ) فكرتان تسودهم ، فمن معتقد بأن طريق إنقاذ الأمة الاِسلامية من أيدي الأمويين ثم العباسيين يكمن في الكفاح المسلّح ، إلى آخر بأنّ الظروف لاتسمح للكفاح المسلح وإنّما الواجب توعية الناس وتثقيفهم وتعليمهم وإعدادهم إلى الظرف المناسب.
وقد سلك زيد الثائر الدرب وفق المعتقد الأوّل ، وأعقبه أبناوَه : يحيى بن زيد وعيسى بن زيد ، ثم الحسنيون عامة ، ولذلك قام محمد بن إبراهيم بن الحسن المثنى بطرق هذا الباب وأثار ثورة مع إخوته كما عرفت ، ولم يكن له ولا لاِخوته أو غيره أي دعوة إلى شخصهم وإنّما فرضوا على أنفسهم إزالة الحكومة الجائرة ثم تفويض الأمر إلى الأليق والأمثل من أئمة أهل البيت عليهمالسلام ، وعلى ضوء ذلك فلا يصح لنا عد ثائر على الظلم موَسساً لمذهب ومكوناً لفرقة ، وأمّا أنّ أمثال المغيرة بن سعيد من رجال العبث والفساد الذين استبطلوه بتعريفهم إيّاه للملأ على أنّه المهدي المنتظر فلا يمت إلى الثائر بصلة ، وقد تقدّم أنّ أئمة أهل البيت تبرّأوا من ابن سعيد وأذنابه عملاء الفسق والفساد.
إنّ الاِمامية عن بكرة أبيهم يعتقدون بأنّ الأئمّة اثنا عشر خلفاء اللّه بعد وفاة
__________________
١ ـ البغداي : الفـرق بين الفـرق : ٥٧ ـ ٥٨ ، وقد بسط الكلام في هذه الفرقة الاِسفرائيني في التبصير : ٣٥ ـ ٣٦.