وقال الصفدي : وفد على هشام بن عبد الملك فرأى منه جفوة ، فكان ذلك سبب خروجه وطلبه للخلافة (١).
لو أنّ الصفدي ومن لفَّ لفَّه عرف نفسيات زيد ، وروحياته الطاهرة ، لوقف على أنّ هذا الحدث وما أشبهه ، لم يكن سبباً للقيام ، فإنّه كان مختمراً في النهضة أيام إقامته في المدينة قبل أن يفد إلى هشام حتى أنّ الصفدي يروي نفسه ويقول : « دخل زيد بن علي مسجد رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم في يوم حارّ من باب السوق فرأى سعد ابن إبراهيم في جماعة من القرشيين قد حان قيامهم ، فقاموا ، فأشار إليهم فقال : يا قوم أنتم أضعف من أهل الحرة! قالوا : لا ، قال : وأنا أشهد أنّ يزيد ليس شراً من هشام فما لكم؟ فقال سعد لأصحابه : مدة هذا قصيرة ، فلم ينشب أن خرج وقتل (٢).
دخل زيد الكوفة في النصف الثاني من عام مائة وعشرين وأقام بها وذلك بعدما أمر به هشام بن عبد الملك من المسير إلى العراق حتى يحاكمه يوسف بن عمر فيما كان يدعيه خالد بن عبد اللّه القسري أو ابنه يزيد بن خالد من توديع أموال عنده وعند داود بن علي بن عبد اللّه بن العباس. فلما تبيّنت براءته عما يدّعى عليه لم يرحل إلى الحجاز بل أقام بها ظاهراً ومعه داود بن علي ، وأقبلت الشيعة تختلف إلى زيد وتأمره بالخروج ويقولون : إنّا لنرجو أن تكون أنت المنصور ، وان هذا الزمان هو الذي تهلك فيه بنو أُمية وفي خلال المدّة التي كان هو في الكوفة ، يرسل يوسف بن عمر إليه رسولاً بعد رسول ليغادر الكوفة ، ولكنه في كل مرّة يعتذر بعذر حتى أتى القادسية ، وقيل : الثعلبية ، فتبعه أهل الكوفة وقالوا : نحن أربعون ألفاً لم
__________________
١ ـ الصفدي : الوافي بالوفيات : ١٥ / ٣٣.
٢ ـ المصدر نفسه : ١٥ / ٣٦.