لأنّ الأئمّة المتأخرين عن زيد ، اجتهدوا في الأصول والفروع فضموا ما ورثوه من إمامهم إلى ما حصلوه بمساعيهم فيهما ، فلا يسوغ لباحث أن ينسب شيئاً إلى زيد ، بحجة تواجده في كتب هوَلاء الأئمّة المتأخرين. وإن أردت التفصيل في الآراء المعزوّة إليه عن كثب فلاحظ ما يلي :
كانت الخوارج تصفه بالكفر والشرك. والمرجئة بالاِيمان ، وكان الحسن البصري يصفه بالنفاق ، وذهب واصل إلى أنّه لا كافر ولا موَمن بل في منزله بين المنزلتين (١).
واستظهر الشيخ أبو زهرة أنّ زيداً يوافق المعتزلة في هذا الرأي غير أنّه لا يراه مخلداً في النار على خلاف المعتزلة واستظهره من كتاب أوائل المقالات ، مع أنّه نسبه إلى الزيدية دون زيد حيث قال : وأجمعت المعتزلة وكثير من الخوارج والزيدية على خلاف ذلك وزعموا أنّ مرتكب الكبائر ممن ذكرناه فاسق ليس بموَمن ولا مسلم (٢) ولا يصح القضاء البات بهذا المقدار.
لقد استنبط أبو زهرة مما ذكره ابن المرتضى في المنية والأمل خصوصاً من الرسالة التي كتبها ابن عباس إلى جبرية أهل الشام ، أنّ عقيدة زيد في القدر ، هو أنّه يجمع بين الاِيمان بالقضاء والقدر ، واعتبار الاِنسان مختاراً في طاعاته ومعاصيه ، وأنّ معاصيه ليس قهراً عن اللّه تعالى ، ولا غلبة عليه (٣).
____________
١ ـ لاحظ دليله حول هذا الأصل : الجزء الثالث : ٢٢٥.
٢ ـ الظاهر أن يقول ولا كافر لينطبق على عقيدة المعتزلة.
٣ ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : ٢٠٩.