تهالكه فيها : ما رواه فرات بن إبراهيم عن رجل : قال صحبت زيداً ما بين مكّة والمدينة وكان يصلّـي الفريضة ثم يصلّي ما بين الصلاة إلى الصلاة ويصلّـي الليل كلّه ويكثر التسبيح ويكرر هذه الآية : « وجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيد » ، فصلّـى ليلة معي وقرأ هذه الآية إلى قريب نصف الليل فانتبهت من نومي فإذا أنا به مادّ يديه نحو السماء وهو يقول :
إلهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ، ثم انتحب ، فقمت إليه وقلت : يا بن رسول اللّه لقد جزعت في ليلتك هذه جزعاً ما كنت أعرفه ، فقال : ويحك يا نازلي أنّي نمت هذه الليلة وأنا ساجد فرأيت جماعة عليهم لباس لم أر أحسن منه فجلسوا حولي وأنا ساجد فقال رئيسهم : هل هو هذا؟ فقالوا : نعم. فقال : أبشر يا زيد فإنّك مقتول في اللّه ومصلوب ومحروق بالنار ولا تمسّك النار بعدها أبداً ، فانتبهت وأنا فزع (١).
روى الخزاز عن يحيى بن زيد أنّه قال له في حديث : يا أبا عبد اللّه إنّي أُخبرك عن أبي عليهالسلام وزهده وعبادته إنّه كان يصلّـي في نهاره ما شاء اللّه ، فإذا جنّ الليل عليه نام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء اللّه ، ثم يقوم قائماً على قدميه يدعو اللّه تبارك وتعالى ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر سجد سجدة ثم يصلّـي الفجر ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار ، ثم يذهب لقضاء حوائجه ، فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاّه واشتغل بالتسبيح والتمجيد للرب المجيد ، فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس ، ثم يصلي العصر ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة ، فإذا غربت الشمس صلّى المغرب والعشاء ، فقلت : هل كان يصوم دائماً؟ قال : لا
____________
١ ـ فرات بن إبراهيم : التفسير : ٤٣٥. والآية ١٩ من سورة ق.