والأمر ضعيف فإن شئت وثبنا على عمرو بن حريث ، وكان خليفة ابن زياد على الكوفة ثم أظهرنا الطلب بدم الحسين وتتبّعنا قتلته ودعونا الناس إلى أهل هذا البيت المستأثر عليهم ، المدفوعين عن حقهم.
فقال سليمان بن صرد : لاتعجلوا ، إنّي قد نظرت فيما ذكرتم فرأيت أنّ قتلة الحسين هم أشراف الكوفة وفرسان العرب وهم المطالبون بدمه ، ومتى علموا ما تريدون كانوا أشدّ الناس عليكم ، ونظرت فيمن تبعني منكم فعلمت أنّهم لو خرجوا لم يدركوا ثأرهم ، ولم يشفوا نفوسهم ، وكانوا جَزَرَاً لعدوهم ولكن بثّوا دعاتكم وادعوا إلى أمركم هذا ، شيعتكم وغير شيعتكم فإنّي أرجو أن يكون الناس اليوم حيث هلك هذا الطاغية أسرع إلى أمركم استجابة منهم قبل هلاكه ، ففعلوا واستجاب لهم ناس كثير بعد هلاك يزيد ، وهم يريدون قتال أهل الشام الذين أقاموا دعائم عرش يزيد ، وعدم التعرض بمن في الكوفة من قتلة الحسين عليهالسلام على جانب الخلاف من ثورة المختار.
لما أراد سليمان بن صرد الخزاعي الشخوص سنة خمس وستين بعث إلى روَوس أصحابه فأتوه ، فلمّا أهلّ ربيع الآخر خرج في وجوه أصحابه وكانوا تواعدوا للخروج في تلك الليلة ، فلمّا أتى النخيلة دار في الناس فلم يعجبه عددهم فأرسل حكيم بن منقذ الكندي ، والوليد بن عصير الكناني في الكوفة فناديا : يالثارات الحسين فكانا أوّل (١) خلق اللّه دعوا يالثارات الحسين.
فأصبح من الغد وقد أتاه نحو مما في عسكره ، ثم نظر في ديوانه فوجدهم ستة عشر ألفاً ممن بايعه فقال : سبحان اللّه ما وافانا من ستة عشر ألفاً إلاّ أربعة
__________________
١ ـ لقد سبق أنّه أوّل من دعا به ، هو امرأة من بني بكر بن وائل يوم عاشورا عند إضرام النار في الخيام.