آلاف. فأقام بالنخيلة ثلاثاً يبعث إلى من تخلف عنه فخرج إليه نحو من ألف رجل. ثم قام سليمان في أصحابه فقال : أيّها الناس من كان خرج ، يريد بخروجه وجه اللّه والآخرة فذلك منّا ، ونحن منه ، ومن كان يريد الدنيا فواللّه ما نأتي فيئاً نأخذه وغنيمة نغنمها ما خلا رضوان اللّه. فتنادى أصحابه من كل جانب : إنّا لا نطلب الدّنيا وإنّما خرجنا نطلب التوبة والطلب بدم ابن بنت رسول اللّه نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فسار سليمان عشية يوم الجمعة لخمس مضين من ربيع الآخر سنة خمس وستين فوصل دار الأهواز ، ثم ساروا فانتهوا إلى قبر الحسين فلمّا دخلوا صاحوا صيحة واحدة فما رئي أكثر باكياً من ذلك اليوم فترحموا عليه وتابوا عنده من خذلانه ، وترك القتال معه ، وأقاموا عنده يوماً وليلة يبكون ويتضرعون ويترحمون عليه وعلى أصحابه ، وكان قولهم عند ضريحه : « اللّهمّ إرحم حسيناً الشهيد ابن الشهيد المهدي ابن المهدي ، الصديق ابن الصديق ، اللّهمّ إنّا نشهدك إنّا على دينهم وسبيلهم وأعداء قاتليهم ، وأولياء محبيهم. اللّهمّ إنّا خذلنا ابن بنت نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم فاغفر لنا ما مضى ، منّا وتب علينا وارحم حسيناً وأصحابه الشهداء الصديقين وإنّا نشهدك أنّا على دينهم ، وعلى ماقتلوا عليه. وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين. وزادهم النظر إليه حنقاً.
ثم ساروا بعد أن كان الرجل يعود إلى ضريحه كالمودع له ، فازدحم الناس عليه أكثر من ازدحامهم على الحجر الأسود ، ثم أخذوا على الأنبار وكتب إليهم عبد اللّه بن يزيد كتاباً يثبطّهم عن السير إلى الشام وقتال العدو ولما وصل الكتاب إلى سليمان قرأه على أصحابه ، فكتب إليه جواباً ـ بعد أن شكره وأثنى عليه ـ : أنّ القوم قد استبشروا ببيعهم أنفسهم من ربّهم ، وأنّهم قد تابوا من عظيم ذنبهم وتوجهوا إلى اللّه وتوكلوا عليه ورضوا بما قضى اللّه عليهم.