جعفر نصّ على إمامة جعفر بن محمد ، وأنّ جعفر بن محمّد حيّ لم يمت ولا يموت حتى يظهر أمره ، وهو القائم المهدي وهذه الفرقة تسمّى الناووسية ، لقبوا برئيس لهم يقال له : « عجلان بن ناووس » من أهل البصرة (١).
وفي الحور العين : إنّهم أتباع رجل يقال له « ناووس » وقيل : نسبوا إلى قرية ناووس (٢).
إذا تردّد أمر موَسس المذهب من أنّه هو « ناووس » أو ابنه عجلان ، أو شخص ثالث منسوب إلى « ناووس » يكون أولى بأن يشك الاِنسان في أصله وغاية ما يمكن أن يقال طروء شبهة لشخص أو شخصين في أمر المهدي فزعموا أنّه الاِمام الصادق عليهالسلام لكن ماتت الشبهة بموت أصحابها ولايعد مثل ذلك فرقة ، غير أنّ حبّ أصحاب المقالات لتكثير فرق الشيعة أوّلاً ، وفرق المسلمين ثانياً لتجسيد حديث افتراق الأمّة إلى ثلاث وسبعين فرقة ، جرّهم إلى عدّ هوَلاء فرقة.
والحاصل بما أنّه لم يذكر لهم دور في الحياة ، ولا حركة في المجتمع ، يظن أنّه حصلت شبهة في مسألة المهدي ، فزعم الرجل أنّه الاِمام الصادق وتبعه واحد أو اثنان ، ثم ماتت الفرقة بموت المشتبه فلا يعد مثل ذلك فرقة.
نحن نطلق الفرقة على جماعة لهم منهج في العقيدة أو مذهب في الفقه أو لهم دعايات وبلاغات وحركات في المجتمع.
إلى هنا لم نجد للشيعة الاِمامية فرقة صحيحة قابلة للذكر فهي بين خارجة عن الدين من رأس كالغلاة ، ومغمورة في أطباق الاِبهام كالكيسانية ، أو طارئة عليها الشبهة ولم يكتب لها البقاء إلاّ أياماً قلائل ، والمظنون أنّ الشيعة الاِمامية إلى عصر الاِمام الصادق عليهالسلام كانوا متماسكين غير منفصلين.
__________________
١ ـ الأشعري : مقالات الاِسلاميين : ٢٥.
٢ ـ الحاكم الجشمي : الحور العين : ١٦٢.