« وشخص زيد إلى هشام بن عبد الملك فجعل هشام لا يأذن له فيرفع إليه القصص ... »
مومياً إلى أنّ الرحلة الثانية كانت لأجل فصل الخصومة عند هشام ولكن السياق متروك قطعاً ولو صحت الرحلة الثانية فإنّما كان لأجل شكايات وقصص مختلفة وصلت إليه وأراد رفعها إلى هشام لا لأجل فصل الخصومة بينه وبين بني الحسن في تولية الأوقاف ، ويدل على ذلك أمران :
١ ـ أنّه صاح على والي المدينة خالد بن عبد الملك عندما جمعه وعبد اللّه بن الحسن في المسجد لرفع الخصومة وقال : جمعت ذرية رسول اللّه لأمر ما كان يجمعهم عليه أبو بكر ولا عمر ، أفيصح بعد هذا أن يرفع الشكاية في ذلك الموضوع إلى هشام بن عبد الملك؟
٢ ـ قال الجزري عند بيان الرحلة الثانية : « فيرفع إليه القصص فكلّما رفع قصة يكتب هشام في أسفلها : ارجع إلى أميرك ... » فظاهر العبارة أنّه كانت هناك شكايات وقصص عديدة أراد أن يلفت نظر هشام إلى تلك الجرائم.
وأظن أنّ ما ذكره المسعودي في مروجه وشيخنا المفيد في إرشاده ليس قضية أُخرى ، بل هو نفس ما جاء به الجزري بتفصيل غير أنّ المسعودي اختزله. وإليك نصهما :
دخل زيد على هشام بالرصافة فلمّـا مثل بين يديه لم ير موضعاً يجلس فيه فجلس حيث انتهى به مجلسه وقال : يا أمير الموَمنين ليس أحد يكبر عن تقوى اللّه ولا يصغر دون تقوى اللّه ، فقال هشام : أُسكت لا أُمّ لك ، أنت الذي تنازعك نفسك في الخلافة ، وأنت ابن أمة ، قال : يا أمير الموَمنين إنّ لك جواباً إن أحببت أجبتك به وإن أحببت أسكت عنه ، فقال : بل أجب. قال : إنّ الأمهات لا يقعدن بالرجال عن الغايات ، وقد كانت أُم إسماعيل أمة لأمّ إسحاق ( صلى الله عليهما )