أسباب عقيمة غير منتجة وبما أنّه أشار إليها في آخر كلامه نأتي بنصه ، ثم بملاحظتنا ، يقول :
« حاولت استخراج عقائده الكلامية من الأمور التالية :
١ ـ أن يكون ذلك رأياً لواصل بن عطاء الذي صاحبه ، وقدّر علماء النحل أنّه اختار منهاجه وطريقه ، أو كان كلاهما على منهاج واحد ورأي واحد ، فاعتبر كل كلام لواصل في هذه المسائل آراء للاِمام زيد إلاّ ما ثبت أنّه لم يقله ، أو لم يكن من المعقول أن يكون قد قاله ، كقول واصل : إنّ علياً في قتال معاوية لم يكن على حقّ بيقين ، فليس ذلك نظر أهل البيت بالاتفاق.
٢ ـ إنّ ما ينسب إلى الزيدية من أقوال ونراه في ذاته معقولاً وقريباً من منطق الاِمام زيد وتفكيره فإنّا نقرر أنّه رأي زيد ـ رضي اللّه عنه ـ لأنّ الزيدية إذا استثنينا الجارودية منهم ، يتلاقون في أكثر آرائهم مع الاِمام زيد ، فهم له في الجملة متبعون.
٣ ـ إنّ ما يقوله بعض المتصلين به أو الذين ثبت اتصالهم به نعتبره إذا اتفق ما يقوله الزيدية أو ينسب مزكياً لنسبة تلك الأقوال إليه (١).
يلاحظ عليه : أنّ القياس الأوّل عقيم جداً إذ لا نعلم مدى تعاطف زيد مع واصل وزمالته معه ، حتى نتخذ عقيدة الجليس دليلاً على عقيدة الجليس الآخر.
وأضعف منه الطريق الثاني فإنّ الزيدية كسائر الفرق ، مارسوا علم الكلام وحضروا محافل البحث والنقاش ثم أتّخذوا موقفاً في كل مسألة ، وكيف يمكن أن ينسب وليد فكر هوَلاء لزيد المحدِّث المفسِّر غير المهتّم إلا بإنهاض المسلمين ضد الطغاة وإزالتهم عن منصّة الحكم واستغلال الصلحاء بالحكم؟!.
ومنه يظهر حال الطريق الثالث فلا نطيل الكلام.
__________________
١ ـ أبو زهرة : الاِمام زيد : ٢٢٢ ـ ٢٢٤.