ينهوهم عن منكر فعلوه. رغبة فيما كانوا ينالون من السحت (١) بالسكوت عنهم.
وكان صدودهم عن سبيل اللّه بالاِتباع لهم ، والاغترار بإدهانهم (٢) ومقارنتهم الجائرين الظالمين المفسدين في البلاد. ذلك بأنّ أتباع العلماء يختارون لأنفسهم ما اختار علماوَهم. فحذروا علماء السوء الذين سلكوا سبيل من ذَمّ اللّه وباعوا طاعة اللّه الجائرين.
إنّ اللّه عزّ وجلّ قال في كتابه : « إِنّا أنْزَلْنَا التوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُوراً يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الّذِينَ أسْلَمُوا لِلّذِينَ هَادُوا وَالرّبّانِيّونَ والأحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا الناسَ وَاخْشَوْنِ وَلأ تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أنْزَلَ اللّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرُون » (٣).
فعاب علماء التوراة والاِنجيل بتركهم ما استحفظهم من كتابه ، وجَعَلَهم عليه شهداء خشية الناس ، ومواتاة (٤) للظالمين ، ورضاً منهم بأعمال المفسدين. فلم يوَثروا اللّه بالخشية فسخط اللّه عليهم لمّا اشتروا بآياته ثمناً قليلاً ، ومتاعاً من الدنيا زائلاً. والقليل عند اللّه الدنيا وما فيها من غضارتها (٥) وعيشتها ونعيمها وبهجتها ، ذلك بأنّ اللّه هو علاّم الغيوب.
قد علم بأنّ ركوب معصيته ، وترك طاعته ، والمداهنة للظلمة في أمره ونهيه ، إنّما يلحق بالعلماء للرهبة والرغبة من عند غير اللّه ، لأنّهم علماء باللّه ، وبكتابه وبسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآلهوسلم.
__________________
١ ـ السحت : ما خبث من المكاسب.
٢ ـ الاِدهان والمداهنة بمعنى : المصانعة واللين ، وقيل : الاِدهان الغش.
٣ ـ المائدة : ٤٤.
٤ ـ المواتاة : حسن المطاوعة والموافقة.
٥ ـ غضارة الدنيا : النعمة والسعة والخصب.