النّبيين ، فلعنا جمعا من بني إسرائيل ، فداود قد لعن سكان مدينة (أيلة) الساحلية المعروفين باسم (أصحاب السبت) ، وسيأتي تفصيل تأريخهم في سورة الأعراف ، وعيسىعليهالسلام لعن جمعا من اتباعه ممن أصروا على اتباع طريق الإنكار والمعارضة حتى بعد نزول المائدة من السماء.
على كل حال ، فالآية تشير إلى أنّ مجرّد كون الإنسان من بني إسرائيل ، أو من أتباع المسيح دون أن ينسجم مع خط سيرهما ، لا يكون مدعاة لنجاته ، بل أنّ هذين النّبيين قد لعنا من كان على هذه الشاكلة من الناس.
وفي آخر الآية توكيد لهذا الأمر وبيان للسبب : (ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).
الآية التّالية تؤكّد أنّ هؤلاء لم يعترفوا أبدا بأنّ عليهم يتحملوا أية مسئولية اجتماعية ، ولا هم كانوا يتناهون عن المنكر ، بل أنّ بعضا من صلحائهم كانوا بسكوتهم وممالاتهم يشجعون العصاة عمليا (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) لذلك فقد كانت أعمالهم سيئة وقبيحة : (لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ).
هنالك في تفسير هذه الآية روايات منقولة عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وعن أهل البيتعليهمالسلام ذات دلالات تعليمية.
ففي حديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتأخذون على يد السفيه ولتأطرنه على الحقّ اطرا ، أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم» (١).
وفي حديث آخر عن الامام الصّادق عليهالسلام في تفسير (كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) أنّه قال : «أمّا أنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم ، ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم وأنسوا بهم» (٢).
__________________
(١) تفسير (مجمع البيان) لهذه الآية ، وفي تفسير القرطبي ، ج ٤ ، ص ٢٢٥٠ حديث مشابه منقول عن الترمذي.
(٢) تفسير البرهان : ج ١ ، ص ٤٩٢ ، وتفسير نور الثقلين : ج ١ ، ص ٦٦١.