الآية الثّالثة تشير إلى معصية أخرى من معاصيهم : (تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا).
من البديهي أنّ صداقتهم لأولئك لم تكن صداقة عادية ، بل كانت ممتزجة بأنواع المعاصي ، وكانوا يشجعون الأعمال والأفكار الخاطئة ، لذلك أدانت الآية في عباراتها الأخيرة الأعمال التي قدموها ليوم المعاد ، تلك الأعمال التي استوجبت غضب الله وعذابه الدائم : (لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ).
أمّا من هم المقصودون بتعبير (الَّذِينَ كَفَرُوا) فإنّ بعضا يقول : إنّهم كانوا مشركي مكّة الذين صادقوا اليهود.
ويرى بعض أنّهم الجبارون والظالمون الذين كان اليهود قديما يمدون إليهم يد الصداقة ، وهذا الرأي يؤكّده الحديث المنقول عن الإمام الباقر عليهالسلام إذ قال : «يتولون الملوك الجبارين ويزينون لهم أهواءهم ليصيبوا من دنياهم» (١).
وليس ثمّة ما يمنع أن تشمل الآية كلا المعنيين ، بل وتكون أعم منهما أيضا.
* * *
__________________
(١) (مجمع البيان) في تفسير الآية المذكورة.