بأعمالكم أيضا.
ثمّ يقول : إنّ نظام النوم واليقظة هذا يتكرر ، فأنتم تنامون في الليل (ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى) (١) أي ثمّ يوقظكم في النهار .. وتستمر هذه العملية حتى نهاية حياتكم.
ويبيّن القرآن النتيجة النهائية لهذا المبحث بالشكل التالي : (ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
وفي الآية الثّالثة توضيح أكثر لإحاطة علم الله بأعمال عباده وحفظها بكل دقة ليوم الحساب ، بعد أن يسجلها مراقبون مرسلون لإحصاء أعمالهم : (وَهُوَ الْقاهِرُ فَوْقَ عِبادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً).
سبق أن قلنا إنّ «القاهر» هو المتسلط الغالب المهيمن الذي لا تقف أمامه أية قوّة ، ويرى بعضهم هذه الكلمة تستعمل حيث يكون المقهور عاقلا.
أمّا كلمة «الغالب» فليست فيها هذه الخصوصية ، فهي عامّة واسعة المعنى.
«حفظة» جمع «حافظ» وهم هنا الملائكة الموكّلون بحفظ أعمال الناس ، كما جاء في سورة الإنفطار ، الآيات ١٠ ـ ١٣ : (إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ).
ويرى بعض المفسّرين أنّهم لا يحفظون أعمال الإنسان ، بل هم مأمورون بحفظ الإنسان نفسه من الحوادث والبلايا حتى يحين أجله المعين ، ويعتبرون (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) بعد «حفظة» قرينة تدل على ذلك ، كما يمكن اعتبار الآية (١١) من سورة الرعد دليلا عليه كذلك (٢).
ولكنّ بالتدقيق في مجموع الآية التي نحن بصددها نتبيّن أنّ القصد من الحفظ هنا هو حفظ الأعمال ، أمّا بشأن الملائكة الموكّلين بحفظ الناس فسوف
__________________
(١) الضمير في «فيه» يعود على «النهار» و «يبعثكم» بمعنى يوقظكم وينهضكم ، و «أجل مسمى» هو العمر المحدد لكل فرد.
(٢) تفسير الميزان ، ج ٧ ، ص ١٣٤.